أبوكمْ تلافَي قبَّةَ الملكِ بعدَما ... هوى سمكُها وغيَّر النّاسُ حالَها
إذا النَّاسُ سامُوها حياةً زهيدَةً ... هي القتلُ والقتلُ الذي لا شوى لَها
أبى اللهُ للشّمِّ الآلاءِ كأنَّهمْ ... سيوفٌ أجادَ القينُ يوماً صقالَها
فلله عيناً من رأى من عصابةٍ ... تناضلُ عن أحسابِ قومٍ نضالها
وإنَّ أميرَ المؤمنينَ هوَ الذي ... غزا كامناتِ النُّصحِ منّي فنالَها
وإنّي مدلٌّ أدَّعي أنَّ صحبةً ... وأسبابَ عهدٍ لم أقطّعْ وصالَها
فلا تجعلنِّي في الأمورِ كعصبَةٍ ... تبرّأتُ منها إذ رأيتُ ضلالَها
عدوٍّ ولا أحرَى صديقٍ ونصحُها ... ضعيفٌ وبثُّ الحقِّ لمّا بدا لها
تبلّجَ لمّا جئتُ وأخضَرَّ عودُهُ ... وبلَّ وسيلاتِي إليهِ بلالَها
وقال كثير أيضاً، وحكى أنه قال: هي خير قصائدي:
ألا يا لقومٍ للنَّوى وانفتالها ... وللصّرمِ من أسماءَ ما لم تدالِها
على شيمةٍ ليست بجدِّ طليقةٍ ... إلينا ولا مقلِيَّةٍ من شمِالها
هو الصَّفحُ منها خشيةً أن تلومها ... وأسبابُ صرمٍ لم تقعْ بقبالها
ونحنُ على مثلٍ لأسماءَ لم نجزْ ... إليها ولم تقطعْ قديمَ خلالِها
وشوقِي إذا استيقنتُ أن قدْ تخيَّلتْ ... لبينِ نوى أسماءُ بعضَ اختيالِها
وأسماءُ لا مشنُوعةٌ بملامةٍ ... إلينا ولا معذورةٌ باعتلالِها
وإنّي على سقمِي بأسماءَ والّذي ... تراجعُ منِّي النِّفسُ بعدَ اندِمالها
لأرتاحُ من أسماءَ للذِّكرِ قدْ خلا ... وللرَّبعِ من أسماءَ بعدَ احتمالها
وإنْ شحطتْ يوماً بكيتُ وإنْ دنَتْ ... تذلّلْتُ واستكثرتُها باعتزالِها
وأجمعُ هجراناً لأسماءَ إنْ دنتْ ... بها الدَّارُ لا من زهدةٍ في وصالِها
فما وصلَتنا خلّةٌ كوصالِها ... ولا ما حلتْنا خلَّةٌ كمحالِها
فهل تجزينْ أسماءُ أورقَ عودُها ... ودامَ الذي تثرَي به من جمالِها
حنيني إلى أسماءَ والخرقُ دونَها ... وإكرامِيَ القومَ العدَى منْ جلالِها
هل أنتَ مطيعِي أيَّها القلبُ عنوةً ... ولم تلحُ نفْساً لم تلَمْ في احتيالِها
فتجْعلَ أسماءَ الغداةَ كحاجَةٍ ... أجمَّتْ فلمّا أخلفتْ لمْ تبالِها
وتجهلَ من أسماءَ عهدَ صبابَةٍ ... وتحذُوَها مِن نعلِها بمثالِها
لعمرُ أبي أسماءَ مادام عهدُها ... على قولَها ذاتَ الزُّمَين وحالِها
وما صرمَتْ إذ لم تكنْ مستثيبَةً ... بعاقبةٍ حبلَ امرئٍ من حبالِها
فواعجباً من شوبها عذبَ مائِها ... بملحٍ وما قد غيَّرتْ من مقالها
ومن نشرِها ما حمّلتْ من أمانةٍ ... ومن وأيها بالوعدِ ثمَّ انتقالها
وكنّا نراها باديَ الرَّأي خلَّةً ... صدُوقاً على ما أعطيتْ من دلالِها
وليلةِ شفَّانٍ يبلُّ ضريبُها ... بنا صفحاتِ العِيسِ تحتَ رحالِها
سريتُ ولولا حبُّ أسماءَ لم أبتْ ... تهزهزُ أثوابي فنونُ شمالِها
وقال كثير أيضاً:
ألا حيِّيا ليلى أجدَّ رحيلي ... وآذنَ أصْحابي غداً بقفُولِ
تبدَّت لهُ ليلى لتغْلِبَ صبرَهُ ... وهاجتكَ أمُّ الصَّلتِ بعدَ ذهولِ
أريد لأنسَى ذكرَها فكأنّما ... تمثّل لي ليلى بكلِّ سبيلِ
إذا ذكرتْ ليلى تغشّتكَ عبرَةٌ تعلُّ بها العينانِ بعدَ نهولِ
وكم من خليلٍ قال لي لو سألتَها ... فقلتُ نعم ليلى أضنُّ بخيلِ
وأبعدهُ نيلاً وأوشكُهُ قلىً ... وإنْ سئلتْ عرفاً فشرُّ مسولِ
حلفتُ بربِّ الرّاقصاتِ إلى منىً ... خلالَ الملا يمددنَ كلَّ جديلِ
تراها وِفاقاً بينهنَّ تفاوتٌ ... ويمددنَ بالإهلالِ كلَّ أصيلِ
تواهقْنَ بالحجّاج منْ بطنِ نخلةٍ ... ومن عزورٍ والخبتِ خبتِ طويلِ
بكلِّ حرامٍ خاشعٍ متوجِّهٍ ... إلى اللهِ يدعوهُ بكلِّ نقيلِ
على كلِّ مذعانِ الرّواحِ معيدَةٍ ... ومخشيّةٍ ألاّ تعيدَ هزيلِ
شوامذَ قدْ أرتجنَ دونَ أجنّةٍ ... وهوجٍ تبارَى في الأزمَّةٍ حولِ
يمينَ امرئٍ مستغلطٍ بأليَّةٍ ... ليكذبَ قيلاً قدْ ألحَّ بقيلِ