وشميلَ لا تسلنني بكِ واسألي ... أصحابَ رحلي بالفلاةِ الصيهدِ
والخيلُ إذ جاءت بريعانٍ لها ... حزقاً توقصُ بالقنا المتقصدِ
والقومَ إذ درهوا بأبلجَ مصعبٍ ... حنقٍ يجورُ على السبيلِ ويهتدي
أني أكونُ لهُ شجاً بمناقلٍ ... ثبتِ الجنانِ ويعتلي بالقرودِ
حتى تلينَ قناتهُ وقناتنا ... عندَ الحفاظِ صليبةٌ لم تنأدِ
وإذا القرومُ سمت لنا أعناقها ... نحنو إليها بالهجانِ المزبدِ
وإذا تروفدتِ الخطوبُ وجدتني ... وأبا أبي وأبي عظيمي المرفدِ
فأبي الذي حبسَ الضبابَ وقد غدت ... عصباً تجهزُ للنجاءِ الأجردِ
وتطايرت عبسٌ فأصبحَ منهمُ ... وادي الدواهن خالياً لم يوردِ
وأتى عكاظَ فقالَ أني مانعٌ ... يا ابنَ الوحيدِ عكاظَ فاذهب فاقعدِ
عقرَ النجائبَ والخيولَ فأصبحت ... عقرى تعطبُ كلها عطبٌ ردي
يومَ الخيالِ فلم تخايل جعفرٌ ... إلاَّ بجهدِ نجائهم حتى الغدِ
فإذا تهددُ من دخيلِ أباءةٍ ... تمشي الهوينا في ظلالِ الغرقدِ
ضارِ بهِ علقُ الدماءِ كأنهُ ... رئبالُ ملكٍ في قباءٍ مجسدِ
فإذا خفضتُ خفضتُ تحتَ ضبارمٍ ... أحمت وقائعهُ سلوكَ الفدفدِ
وإذا رفعتُ رفعتُ لستُ بآمنٍ ... من خبطةٍ بالنابِ يفسدُ واليدِ
وقال القتال أيضاً:
لطيبةَ ربعٌ بالكليبينِ دارسُ ... فبرقُ نعاجٍ غيرتهُ الروامسُ
وقفتُ بهِ حتى تعالت لي الضحى ... أسياً وحتى ملَّ فتلٌ عرامسُ
وما إن تبينُ الدارُ شيئاً لسائلٍ ... ولا أنا حتى جنني الليلُ آيسُ
على آلةٍ ما ينبري لي مساعدٌ ... فيسعدني إلاَّ البلادُ الأمالسُ
تجوبُ على ورقٍ لهنَّ حمامةٌ ... ومنثلمٌ تجري عليهِ الأداهسُ
وسفعٍ كذودِ الهاجريِّ بجعجعٍ ... تحفرُ في أعقارهنَّ الهجارسُ
مواثلُ ما دامتِ خزازٌ مكانها ... بجبانةٍ كانت إليها المجالسُ
تمشي بها ربدُ النعامِ كأنها ... رجالُ القرى تجري عليها الطيالسُ
وما مغزلٌ من وحشِ عرنانَ أتلعت ... بسنتها أخلت عليها الأواعسُ
تصدى لملطومِ الألدينِ ضاعها ... لهُ أتحمياتٌ وأنفٌ خنابسُ
إذا واجهتهُ الشمسُ صدَّ بوجهه ... سوى خدها إذ أشرقت وهو ناعسُ
بذي جدتينِ جدةٍ حبشيةٍ ... ومغربةٍ تجري عليها القراطسُ
ترعى الفضاءَ كلَّ مجرى سحابةٍ ... وفي النفسِ منهُ رأفةٌ وهواجسُ
إذا اعتزلتهُ لا يزالُ بعينها ... حذاراً عليهِ شخصُ رامٍ يخالسُ
تذكرني شبهاً لطبيةَ إذ بدت ... لنا وصوارُ الوحشَ في الظلِ كانسُ
ترددُ أمثالَ الأساودِ أرسلت ... بمتني خذولٍ يغتديها أشامسُ
كأنَّ سحيقَ المسكِ من صنِّ فارةٍ ... يشابُ بها غادٍ من الثلج قارسُ
تصبُّ عليهِ قرقفٌ بابليةٌ ... بأنيابها والليلُ بالطلِّ لابسُ
فصدت حياءً والمودةُ بيننا ... وأبيضُ بلٌّ بالظعائنِ حابسُ
فإما تريني قد تجللَ لمتي ... رداعُ الشبابِ فاسألي ما أمارسُ
بأني أعني بالمصاعبِ حقبةً ... من الدهرِ حتى هنَّ حدبٌ حرامسُ
إذا مصعبٌ قضيتُ يوماً قضاءهُ ... فأني لقرمٍ مصعبٍ متشاوشُ
فأذهبتهم شتى فلاقوا بليةً ... من الشرِّ لا يحظى بها من أقايسُ
وقال أيضاً يمدح عبد الله بن حنظلة الكلابي:
ظعنت قطاةُ فما تقولكَ صانعاً ... وقعدتَ تشكو في الفؤادِ صوادعا
وكأنها إذ قربت أجمالها ... أدماءُ لم ترشح غزالاً خاضعا
بغمت فلم يصحب لها فاستقبلت ... من عاقلٍ شعباً يسلنَ دوافعا
ظلت تعجبُ من سوالفِ عوهجٍ ... أدماءَ تلتقطُ البريرَ اليانعا
دع ذا ولكن حاجتي من جعفرٍ ... رجلٌ تطلعَ للأمورِ مطالعا
يهنا ابنُ حنظلةَ الثناءَ يتمهُ ... قدماً ويبنيهِ بناءً رافعا
وإذا الرفاقُ مع الرفاقِ أهمها ... عجرُ المتاعِ أتت فناءً واسعا
بحراً تنازعهُ البحورُ تمدهُ ... إنَّ البحورَ ترى لهنَّ شرايعا
ويبيتُ يستحيي الأمورَ وبطنهُ ... طيانُ طيَّ البردِ يحسبُ جائعا