وغبراءَ مغطيٍّ بها الآلُ لا يرى ... لها من ثنايا المنهلينِ طريقُ

فقلتُ وحرباءُ الضحى متشمسٌ ... وللبرقِ يرمحنَ المتانَ نقيقُ

على ظهرِ مذعانٍ كأنَّ جرانها ... يمانٍ نضا جفنينِ فهو دلوقُ

هل الهجرُ إلاَّ أن أصدَّ فلا أرى ... بأرضكِ إلاَّ أن يضمَّ طريقُ

تقولُ ابنةُ الطائي ما لكَ لا أرى ... بكفيكَ من مالٍ يكادُ يليقُ

رأت صرمةً حدباً يحفُّ عديدها ... غواشٍ يغشي ربها وحقوقُ

يزينُ ما أعطيتُ مني سماحةٌ ... ووجهٌ إلى من يعتريهِ طليقُ

تروكٌ لطيراتِ السقيهِ تكرماً ... وذو نزلٍ عندَ اللقاءِ غلوقُ

وإنَّ بنا عن جارنا أجنبيةً ... حياءً وللمهدي إليهِ طريقُ

يرى جارنا الجنبَ الوحيشَ ولا يرى ... لجارتنا منا أخٌ وصديقُ

القتال الكلابي

وقال القتال واسمه عبد الله بن مجيب الكلابي وهو من اللصوص وكان قد حبس في أيام مروان بن الحكم حبسه بعض ولاة المدينة فيما كان اتهم به من أمر ابن هبار وخشي القتال أن يقاد فقتل صاحب السجن وخرج وقال:

نظرتُ وقد جلى الدجى طاسمُ الصوى ... بسلعٍ وقرنُ الشمسِ لم يترجلِ

إلى ظعنٍ بينَ الرسيسِ فعاقل ... عوامدَ للشيقينِ أو بطنِ خنثلِ

ألا حبذا تلك الديارُ وأهلها ... لو أنَّ عذابي بالمدينةِ ينجلي

برزتُ بها من سجنِ مروانَ غدوةً ... فآنستها بالأيمِ لما تحملِ

وآنستُ حيا بالمطالي وجاملاً ... أبابيلَ هطلى بين راعٍ ومهملِ

ومردٍ على جردٍ يسارٍ لمجلسٍ ... كرامٍ بأيديهم موارنُ دبلِ

بكيتُ بخلصى شنةٍ شدَّ فوقها ... على عجلٍ مستخلفٍ لم تبللِ

على شارفٍ تعدو إذا مالَ ضفرها ... عسيرِ القيا صعبةٍ لم تذللِ

جديدٍ كلاها منهجٍ حجراتها ... فللماءِ سحٌّ من طبابٍ مشلشلِ

أقولُ لأصحابي الحديدِ تروحوا ... إلى نارِ ليلى بالعقوبينِ نصطلي

يضيءُ سناها وجهَ ليلى كأنما ... يضيءُ سناها وجهُ أدماءَ مغزلِ

غلا عظمها واستعجلت عن لدانها ... وشبت شباباً وهي لما تربلِ

بدت بينَ أستارٍ عشاءً يلفها ... تنازعُ أرواحٍ جنوبٍ وشمألِ

يكادُ بأثقابِ اليلنجوج جمرها ... يضيءُ إذا ما سترها لم يجللِ

ومن دونِ حوثُ استوقدت هضبُ شابةٍ ... وهضبُ تعارٍ كلُّ عنقاءَ عيطلِ

يغني الحمامُ الورقُ في قذفاتهِ ... ويحرزُ فيها بيضهُ كلُّ أجدلِ

ولما رأيتُ البابَ قد حيلَ دونهُ ... وخفتُ لحاقاً من كتابٍ مؤجلِ

رددتُ على المكروهِ نفساً شريسةً ... إذا وطنت لم تستقد للتذللِ

إذا قلتُ رفهني من السجنِ ساعةً ... تدارك بها نعمى عليَّ وأفضلِ

يشدُّ وثاقي عابساً ويتلني ... إلى حلقاتٍ في عمودٍ مرملِ

أقولُ لهُ والسيفُ يعصبُ رأسهُ ... أنا ابنُ أبي أسماءَ غيرُ التنحلِ

عرفتُ ندايَ من نداهُ وجرأتي ... وريحاً تغشاني إذا اشتدَّ مسحلي

وقال القتال أيضاً:

صرمت شميلةُ وجهةً فتجلدِ ... من ذا يقولُ لها علينا تقصدِ

أشميلَ ما أدراكِ إن عاصيتني ... إنَّ الرشادَ يكونُ خلفكِ من غدِ

يا ظبيةً عطفت لآدمَ شادنٍ ... هلا أويتِ لقلبِ شيخٍ مقصدِ

فإذا أرادَ الوصلَ لا تصلينهُ ... ووصلتِ أصحابَ الشبابِ الأغيدِ

وتطربت حاجاتُ ذبٍّ فاضلٍ ... أهواءَ حبٍّ في أناسِ مصعدِ

حضروا ظلالَ الأثلِ فوقَ صعائدٍ ... ورموا فراخَ حمامهِ المتغردِ

وشميلَ ما يدريكِ أن ربَ ماجنٍ ... طامٍ عيالمهُ مخوفِ المرصدِ

جاهرتهُ بزمامِ ذاتِ برايةٍ ... وحدي سوى أجدٍ وسيفٍ مفردِ

ومشيتُ في أعطافهِ متدنياً ... وأحطتُ أقفرُ من حيالِ الموردِ

وقفرتُ أنظرُ هل لنا بأنيسهِ ... عهدٌ صفائحَ في إزارٍ ملبدِ

ثم التفعتُ بصدرِ هوجاءِ السرى ... في لاحبٍ أقصُ النعافَ معبدِ

تعلو النجادَ بمضرحي لم يذق ... لبأَ الإماءِ غداةَ غبِّ المولدِ

أدنو إلى المعروفِ ما استدنيتني ... فإذا أقادُ معاسراً لم أنقدِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015