وزيّنّي بالحلم، وأكرمني بالتّقوى، وجمّلني بالعافية» . (ابن النّجّار؛ ...
ونظر الناظرين. بل لأجلهما أنزلت الكتب، وأرسلت الرسل. بل لأجلها خلقت السموات والأرض وما فيهما من الخلق، اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12) [الطلاق] .
وكفى بهذه الآية دليلا على شرف العلم؛ لا سيّما علم معرفة الله. والعلم أشرف الجوهرين؛ وأفضلها، فمن أوتي العلم فهو الغنيّ بالحقيقة؛ وإن كان فقيرا من المال، ومن حرم العلم- لا سيّما علم المعرفة والتوحيد- فهو الفقير بالحقيقة؛ وإن كان غنيّا بالمال، ولهذا قال:
من عرف الله فلم تغنه ... معرفة الله فذاك الشّقيّ
قاله المناوي في «كبيره» .
(وزيّنّي بالحلم) ؛ أي: اجعله زينة لي، فإنّه لا زينة كزينته.
(وأكرمني بالتّقوى) لأكون من أكرم الناس عليك؛ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ [13/ الحجرات] . (وجمّلني بالعافية» ) ، فإنّه لا جمال كجمالها.
وقد قيل: العافية تاج على رؤوس الأصحّاء لا يعرفها إلّا المرضى، وخصّ سؤال الإكرام بالتقوى!؟ موافقة للآية الكريمة في قوله إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ لأنّها أساس كلّ خير وعماد كلّ فلاح، وسبب لسعادة الدنيا والعقبى. ولقد صدق القائل:
من اتّقى الله فذاك الذي ... سيق إليه المتجر الرّابح
وقال الآخر:
ما يصنع العبد بغير التّقى ... والعزّ كلّ العزّ للمتّقي
وهب أنّ الإنسان تعب جميع عمره، وجاهد وكابد؛ أليس الشأن كلّه في القبول!؟ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) [المائدة] . فمرجع الأمر كلّه للتقوى.
(ابن النّجّار) ؛ أي: أخرجه ابن النّجّار في «تاريخه» .