وإذا أقررت أعين أهل الدّنيا من دنياهم.. فأقرر عيني من عبادتك» .

(حل؛ عن الهيثم بن مالك الطّائيّ [رحمه الله] ) .

شدّة شوقه إلى منزله!؟ وأقربهم قربا، وأعلمهم به أشدّهم حرقة في القلوب شوقا.

قال حجّة الإسلام: لو خلق فيك الشوق إلى لقائه، والشهوة إلى معرفة جلاله؛ لعلمت أنّها أصدق وأقوى من شهوة الأكل والشّرب، وكذلك كلّ شيء، بل وآثرت جنّة المعرفة ورياضتها على الجنّة التي فيها قضاء الشهوات المحسوسة، وهذه الشهوة خلقت للعارفين؛ ولم تخلق لك، كما خلق لك شهوة الجاه؛ ولم تخلق للصبيان؛ وإنما لهم شهوة اللعب! وأنت تعجب من عكوفهم عليه وخلوّهم عن لذّة العلم والرياسة!! والعارف يعجب منك ومن عكوفك على لذّة العلم والرياسة، فإنّ الدنيا بحذافيرها عنده لهو ولعب، فلمّا خلق للكمّل معرفة الشوق كان التذاذهم بالمعرفة بقدر شهوتهم، ويتفاوتون في ذلك، ولذلك سأل المصطفى صلى الله عليه وسلم المزيد من ذلك، ولا نسبة لتلك اللّذة إلى لذّة الشهوات الحسيّة!! ولذلك كان العارف إبراهيم بن أدهم يقول: لو علم الملوك ما نحن فيه من النعيم لقاتلونا عليه بالسيوف. انتهى «مناوي» .

(وإذا أقررت أعين أهل الدّنيا من دنياهم) ؛ أي: فرّحتهم بما آتيتهم منها، (فأقرر عيني من عبادتك» ) ؛ أي: فرّحني بها، وذلك لأنّ المستبشر إذا بكى من كثرة السرور يخرج من عينه ماء بارد، كما قال:

طفح السّرور عليّ حتّى أنّه ... من فرط ما قد سرّني أبكاني

والباكي جزعا يخرج من عينيه ماء سخن.

(حل) ؛ أي: أخرجه أبو نعيم في «الحلية» ؛ (عن الهيثم بن مالك الطّائيّ) ؛ ذكره في «الإصابة» في القسم الرابع، وقال: هو تابعيّ من أهل الشام، أرسل حديثا فظنّه بعضهم صحابيا، وذكره البخاريّ، وابن أبي حاتم في التابعين. والله أعلم. انتهى ملخصا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015