38- «اللهمّ؛ اجعلني أخشاك حتّى كأنّي أراك، وأسعدني بتقواك، ولا تشقني بمعصيتك، وخر لي في قضائك، وبارك لي في قدرك، حتّى لا أحبّ تعجيل ما أخّرت؛ ولا تأخير ما عجّلت.
38- ( «اللهمّ؛ اجعلني أخشاك حتّى كأنّي أراك، وأسعدني بتقواك) ؛ فإنّها سبب كلّ خير، وسعادة في الدارين. وقد أثنى الله في التنزيل على المتقين بقوله وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186) [آل عمران] . ووعدهم بالحفظ والحراسة من الأعداء بقوله وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً [120/ آل عمران] . وبالنصر والتأييد بقوله إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128) [النحل] . وقوله وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123) [التوبة] . ولا سعادة أعظم من هذه المعيّة.
(ولا تشقني بمعصيتك) ، فإنّ المعاصي بريد الكفر، لأنّه كلّما فعل الشخص معصية أسودّ جزء من قلبه، وانطفأ بعض نور إيمانه؛ فربّما غلب عليه وطفىء جميعه.
(وخر لي) ؛ أي: اختر لي (في قضائك) ؛ أي: مقضيّك، أي: اختر لي خير الأمرين من مقضيّك، فإنّك لا تفعل بي إلّا ما هو الأوفق والأصلح لي.
(وبارك لي في قدرك) ؛ بأن ترضّيني به (حتّى لا أحبّ تعجيل ما أخّرت؛ ولا تأخير ما عجّلت) ، لأنّ الخير كلّه في الرضا والتسليم.
قال العارف بالله سيدي أبو الحسن الشاذليّ رحمه الله تعالى:
تردّدت؛ هل ألزم القفار للطاعة والأذكار، أو أرجع إلى الديار لصحبة الأخيار؟!! فوصف لي شيخ برأس جبل، فوصلت لغاره ليلا؛ فبتّ ببابه، فسمعته يقول: اللهمّ؛ إنّ قوما سألوك أن تسخّر لهم خلقك ففعلت، فرضوا، وأنا أسألك اعوجاج الخلق عنّي، حتّى لا يكون لي ملجأ إلّا أنت.