اللهمّ؛ أعظم لي نورا، وأعطني نورا، واجعل لي نورا.
يضيء على المذكورات كلّها، لأنّ إبليس يأتي الإنسان من هذه الأعضاء فيوسوس، فدعا بإثبات النور فيها ليدفع ظلمته.
وفي المناوي: معنى طلب النور للأعضاء: أن تتحلّى بأنوار المعرفة والطاعة، وتعرى عن ظلم الجهالة والمعاصي، وأن يكون جميع ما يتصدّى له سببا لمزيد علمه وظهور أمره، وأن يحيط به يوم القيامة؛ فيسعى خلال النّور، كما قال تعالى في حق المؤمنين نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ [8/ التحريم] . انتهى.
وقال القرطبيّ: هذه الأنوار التي دعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يمكن حملها على ظاهرها، فيكون سأل الله تعالى أن يجعل له في كلّ عضو من أعضائه نورا يستضيء به يوم القيامة في تلك الظّلم، هو ومن تبعه، أو من شاء الله منهم. قال: والأولى أن يقال: هي مستعارة للعلم والهداية، كما قال تعالى فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ [22/ الزمر] ، وقوله تعالى وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ [122/ الأنعام] . ثم قال:
والتحقيق في معناه: أنّ النور مظهر لما ينسب إليه، وهو يختلف بحسبه، فنور السمع مظهر للمسموعات، ونور البصر كاشف للمبصرات، ونور القلب كاشف عن المعلومات، ونور الجوارح ما يبدو عليها من أعمال الطاعات.
وقال النوويّ: قال العلماء: طلب النور في أعضائه وجسمه وتصرّفاته وتقلّباته وحالاته، وجملته في جهاته الستّ حتى لا يزيغ شيء منها عنه. انتهى «عزيزي» .
(اللهمّ؛ أعظم لي نورا، وأعطني نورا، واجعل لي نورا) - عطف عامّ على خاصّ-، أي: اجعل لي نورا شاملا للأنوار السابقة وغيرها. وهذا دعاء بدوام ذلك، لأنّه حاصل له، وهو تعليم لأمّته. وفي رواية: بدل «اجعل لي نورا» :
«اجعلني نورا» .
قال في «الحكم العطائيّة» : النور جند القلب، كما أنّ الظّلمة جند النفس، فإذا أراد الله أن ينصر عبدا أمدّه بجنود الأنوار، وقطع عنه مدد الظلم والأغيار.