28- «أعدى عدوّك.. نفسك الّتي بين جنبيك» .
لا يأمن الدّهر ذو بغي ولو ملكا ... جنوده ضاق عنها السّهل والجبل
وهذا الحديث ذكره في «المواهب» ولم يعزه إلى أحد!! وكذلك شارحه الزرقاني لم يذكر من رواه! ولعلّه مرويّ بالمعنى، فكان ينبغي للمصنف حذفه، لكنّه تبع «المواهب» في ذكره، ويدلّ لما قلناه أن الزرقاني ذكر لفظ الحديث الوارد في هذا المعنى؛ فقال:
روى الطبراني في «الكبير» ، والبخاري في «التاريخ» ؛ عن أبي بكرة مرفوعا: «اثنان يعجّلهما الله تعالى في الدنيا: البغي وعقوق الوالدين» .
قال في «الفائق» : وأصل التعجيل إيقاع الشيء قبل أوانه، أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ [150/ الأعراف] ؛ سبقتموه. انتهى.
قال المناوي- بعد ذكر الحديث الذي أورده الزرقاني-: وفيه أن البغي والعقوق من الكبائر. وخصّ هاتين الخصلتين من بين خصال الشرّ بذكر التعجيل فيهما!! لا لإخراج غيرهما؛ فإنه قد يعجل أيضا، بل لأنّ المخاطب بذلك كان لا يحترز من البغي؛ ولا يبرّ والديه، فخاطبه بما يناسب حاله؛ زجرا له، وكثيرا ما يخصّ بعض الأعمال بالحثّ عليها بحسب حال المخاطب وافتقاره للتنبيه عليها أكثر ممّا سواها؛ إمّا لمشقتها عليه، وإمّا لتساهله في أمرها. انتهى كلام المناوي على «الجامع» .
28- ( «أعدى عدوّك) ؛ أي: أشد أعدائك عداوة لك (نفسك) ؛ الأمّارة بالسّوء (الّتي بين جنبيك» ) ؛ لأنّها عدوّ ملازم من داخل تعين الشّيطان على هلاكك، والعدوّ يكون للواحد والجمع والمؤنث والمذكر، وقد يثنّى، وقد يجمع، وما أحسن ما قيل:
إنّي بليت بأربع ما سلّطوا ... إلّا لأجل شقاوتي وعنائي
إبليس والدّنيا ونفسي والهوى ... كيف الخلاص وكلّهم أعدائي
والحديث ذكره المناوي في «كنوز الحقائق» ؛ معزوّا للبيهقي- يعني في