فبأيّهم اقتديتم اهتديتم» .
وفي تشبيههم بالنّجوم إشارة إلى علوّ مرتبتهم جميعا؛ كعلوّ مرتبة النجوم.
وفيه إشارة إلى تفاوت مراتب الصحابة كتفاوت مراتب النجوم.
(فبأيّهم) ؛ أي: بأيّ واحد منهم (اقتديتم) ؛ فيما اختلفوا فيه (اهتديتم» )
يوضّح ذلك ما روي من أن النبيّ صلى الله عليه وسلّم سأل الربّ عما يختلف فيه أصحابه؟
فقال: «يا محمد؛ أصحابك عندي كالنجوم في السماء بعضها أضوأ من بعض؛ فمن أخذ بشيء ممّا اختلفوا فيه فهو على هدى عندي» ؛ قاله الباجوري على «السّلّم المنورق» قال:
وظاهر هذين الحديثين: أنّ الصّحابة كلّهم مجتهدون، وهو ما جرى عليه ابن حجر في «شرح الهمزية» ، وعلّله بتوفّر شروط الاجتهاد في جميعهم.
قال: ولذلك لم يعرف أنّ واحدا منهم قلّد غيره في مسألة من المسائل، لكن رجّح بعضهم أن فيهم المقلّدين والمجتهدين. ثم قال- أي: الباجوري-:
فإن قيل: خطابه صلى الله عليه وسلّم في قوله «بأيّهم اقتديتم اهتديتم» ؛ لا يصحّ أن يكون للصّحابة كما هو ظاهر، ولا لغيرهم؛ لعدم حضورهم حين الخطاب؟!
أجيب بأنه لغيرهم على طريق استحضارهم؛ وفرضهم حاضرين؛ كذا قال بعض المحققين. ثمّ ذكر الباجوري أن الشيخ تقي الدين السبكي نقل عن تاج الدين بن عطاء الله أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم كانت له تجليات يرى في بعضها سائر أمّته الآتية بعده؛ فيقول: مخاطبا لهم: «لا تسبّوا أصحابي؛ فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه» .
قال: ومثله يقال في الخطاب الذي نحن بصدده. انتهى كلام الباجوري في «شرح السّلّم المنورق» .
قال السيد عبد الله الغماري- عافاه الله تعالى-: هذا الحديث رواه الدارقطني في «غرائب مالك» ، وابن عبد البر في «كتاب العلم» ؛ من حديث جابر بن عبد الله