فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين- أو أربعين- آية.. قام فقرأ وهو قائم، ...

ومن خصائصه صلى الله عليه وسلّم: أنّ تطوّعه قاعدا كهو قائما، لأنّه مأمون الكسل؛ فلا ينقص أجره، بخلاف غيره، فإنّه من صلّى قاعدا فله نصف أجر القائم.

ويؤخذ منه صحّة تنفّل القادر قاعدا، وهو مجمع عليه.

(فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته) ؛ أي: من مقروئه (قدر) ؛ أي:

مقدار (ما يكون ثلاثين أو أربعين آية؛ قام) . وفيه إشارة إلى أنّ الذي كان يقرأه قبل أن يقوم أكثر، لأن البقية تطلق غالبا على الأقلّ.

والظّاهر أن الترديد بين الثلاثين والأربعين من عائشة!! فيكون إشارة إلى أن المقدار المذكور مبنيّ على التخمين، فردّدت بينهما؛ تحرّزا من الكذب.

ويحتمل أنّه تارة كان يقع منه كذا وتارة كذا.

ويحتمل أنّه شكّ من بعض الرواة فيما قالته عائشة، وهي إنّما قالت أحدهما!! وأيّده الحافظ العراقي برواية في «صحيح مسلم» عنها: فإذا أراد أن يركع؛ قام قدر ما يقرأ الإنسان أربعين آية.

ويؤخذ من ذلك صحّة بعض النفل قاعدا وبعضه قائما، وصحّة بعض الركعة قاعدا وبعضها قائما، وجعل بعض القراءة في القعود وبعضها في القيام، وسواء في ذلك كلّه قعد ثم قام، أو قام ثمّ قعد، وسواء نوى القيام؛ ثم أراد القعود، أو نوى القعود؛ ثم أراد القيام. وهو قول الأئمة الأربعة، ولكن يمنع بعض المالكية الجلوس بعد أن ينوي القيام. انتهى «باجوري ومناوي» .

(فقرأ؛ وهو قائم) أي: والحال أنّه قائم، أي: مستقرّ على القيام.

وظاهر التعبير بالفاء: أنه لا تراخي بين القيام والقراءة. وظاهره أيضا أنّ من افتتح الصلاة قاعدا ثم قام؛ لا يقرأ حال نهوضه، لانتقاله إلى أكمل منه، بخلاف عكسه، فيقرأ في حال الهويّ. وبه صرّح الشافعية في فرض المعذور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015