لقد فطر الله الإنسان على الاجتماع، فليس بوسع إنسان أن يعيش وحده، أو ينفرد بنفسه انفرادا تاما، وليس هناك حداثة نفسية واحدة يمكن أن تتم دون أن تكون لها صلة بأفراد المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان، فكل حادثة نفسية، لا بد لها من مجال اجتماعي تتم فيه، والعكس صحيح أيضا، فكل حادثة اجتماعية لا بد لها من أصل نفسي1.
وعلى هذا الأساس فإن المجتمع الإنساني يتكون من أربعة عناصر:
الأول: هو الأفراد الذين يكونون الجماعة.
الثاني: هو ما ينشأ بالضرورة من صلات بين أفراد الجماعة، فالجماعة نسيج مكون من صلات اجتماعية.
الثالث: هو النظام، فالصلاة الاجتماعية تنظم وتنسق وفق نظام غايته أن يضبط سلوك الجماعة ويوجهه الوجهة المنشودة.
الرابع: هو العقيدة، أو الفلسفة، وهي أعظم العناصر المكونة للمجتمع على الإطلاق، وأكثرها خطرا، ذلك أنها تتحكم فيها كلها، وتوجهها جميعا الوجهة التي ترضاها، فهي التي تحدد الصلات الاجتماعية، وهي التي توجد الشعور بالانتماء، وهي التي ترسم نهج السلوك، وهي التي تضع قواعد المجتمع، وتقيم نظمه، وتهدي إلى مثله.
والعقيدة تتمثل في شريعة الله، كما هو الحال في الإسلام، كما تتمثل في الفلسفات الوضعية، والنظريات التي توجه الفكر والسلوك العملي في كثير من المجتمعات الأخرى.
مقارنة بين المجتمعات:
المجتمع الإسلامي مجتمع متفرد بنظامه الخاص، الذي لا يتفق في شيء مع النظم الاجتماعية الأخرى التي عرفتها البشرية، فبينما عرفت البشرية نظم الرق، فالإقطاع، فالرأسمالية، فالاشتراكية، فالشيوعية -التي لم تتحقق في واقع الحياة بعد، ولن تتحقق أبدا، لأنها تتصادم مع مقتضيات الفطرة في الطبيعية الإنسانية- وهي نظم أقامها بعض العباد لبعض، فإن المجتمع الإسلامي هو مجتمع رباني، يقوم على شريعة محكمة من عند الله، قوامها كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم.
وبالرغم من أن هناك بعض أوجه الشبه بين النظام الإسلامي وبين النظامين الرأسمالي والاشتراكي، كحق الملكية الفردية، وحق الاستثمار الفردي، وحق الإرث