قتل الأفغان واحتلال أرضهم؟ ترى ما الذي يدفع المتعبد إلى العبادة، والمتدين إلى التدين، والشاعر إلى الشعر، والكريم للبذل، والأمين للأمانة، والصادق للصدق.. إلخ؟
إن موضوع التربية -بناء على مفاهيم هذه المدرسة- هو الإنسان والحيوان، التي لا تربو تصرفاته عن أن يكون ردود أفعال أو استجابات آلية لمثيرات خارجية، فلا ضمير ولا حرية، ولا إرادة إنسانية، ولا إرادة إلهية، ولا نفس أمارة بالسوء، ولا نفس لوامة، ولا شيء غير التفاعلات الكيميائية والنبضات الكهربائية؟
وأهداف التعليم كلها منصبة على تكوين عادات ذهنية وحركية واجتماعية، تمكن الإنسان الحيوان من أن يعيش في القطيع الاجتماعي، وأن يتصرف مع الأشياء حسب مفاهيم الفلسفة البراجماتية النفعية، التي ترى أن المصلحة هي المقياس لكل شيء، فلا أخلاق خارج حدود المصلحة الاجتماعية القومية، ولا معايير ثابتة للحكم على السلوك والأخلاق!
مدرسة الإسلام:
في علم النفس الإسلامي هناك عوامل غيبية، وهناك عوامل مشهودة, كلها تعمل كدوافع للسلوك، وإذا أخذنا التقسيم المشهور للدوافع إلى دوافع غريزية، ودوافع مكتسبة، ودوافع غير شعورية، فإننا نجد ما يلي:
أولا: بالنسبة للدافع الغريزية, فإن مدرسة الغرائز وإن كانت قد اتفقت مع الإسلام في أنها فطرية وموروثة, إلا أنها لم تقل بأن الله غرزها في النفس الإنسانية، وإنما هي مغروزة في الإنسان بحكم الطبيعة، لكن الإسلام يقول إن الله قد أودعها في خلق النفس وفطرتها: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 7-10] .
ثانيا: بالنسبة للدوافع المكتسبة، فإن الإسلام يفرق بين العواطف والميول مثل الحب والكره والرضا والسخط.. إلخ، فكل هذه غرائز فطرية خلقها الله في الإنسان: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21] ، {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14] .