ثانيا: إعادة تصميم مناهج العلوم الطبيعية والرياضيات والتاريخ والجغرافيا، والسياسة والاقتصاد والفنون والآداب بحيث تسهم في إدراك النائشة لقوانين منهج الله في الكون وتطبيقاتها في واقع الحياة.
إن الفصل التعسفي بين العلوم الشرعية على أساس أنها علوم للدين، وبين العلوم الأخرى على أساس أنها علوم للدنيا، قد أحدث كثيرا من الخلط والتشويش والمتاعب التي تعاني منها الأجيال الحالية، فالإسلام نظام يحكم الحياة، والعلم في هذا النظام هو العلم بقوانين الله في الكون وتطبيقاتها في واقع الأرض، فسواء كانت هذه القوانين لحكم وتوجيه سلوك الإنسان أم كانت لحكم العلاقات بين سائر مكونات الكون، فهي كلها صادرة من الله، وهي كلها جزئيات في نظام متماسك لا يمكن أن يختل.
ليس من المعقول -إذن- تدريس هذه العلوم بشكل يصب في أذهان الناشئة تصورا للحياة والأحياء، خاليا من كل أثر لله وللقدرة الإلهية، فهذا قد يعني لدى الكثيرين منهم انفصال الدين عن الحياة، لأن ما تغرسه علوم العقيدة والشريعة، تقتلعه العلوم الأخرى، وتظل الناشئة في تيه شديد!
ثالثا: إنشاء مدارس للدراسات العليا، تنطلق من التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة في توجيه كل البحوث والدراسات لتشخيص المشكلات وعلاجها في مختلف الأقطار الإسلامية والعربية، أما الاستمرار في إرسال الباحثين والدارسين إلى الجامعات الأمريكية والغربية لدراسة العلوم والفنون والآداب والعلوم الإنسانية عموما فهو استمرار في سياسة التغريب القائمة التي نعاني من آثارها في مجمل حياتنا عامة، وفي حياتنا الثقافية والتربوية الخاصة.
إن الإسلام لا يتسامح: "أن يتلقى المسلم أصول عقيدته ولا مقومات تصوره، ولا تفسير قرآنه وحديثه وسيرة نبيه، ولا منهج تاريخه وتفسير نشاطه ولا مذهب مجتمعه، ولا نظام حكمه، ولا منهج سياسته، ولا موجبات فنه وأدبه وتعبيره.. من مصادر غير إسلامية، ولا أن يتلقى "في كل هذا" عن غير مسلم يثق في دينه وتقواه".
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} [آل عمران: 100] .
والواقع أن الإسلام يفرق في هذا الأمر بين نوعين من العلوم: العلوم التي تتصل بتفسير النشاط الإنساني كله: كالفنون والآداب والعلوم الإنسانية والتربوية عموما، فهذه يجب على المسلم ألا يتلقاها إلا على يد مسلم يوثق في علمه ودينه.