هناك علاقة وثيقة بين الفلسفات الاجتماعية العامة وبين فلسفات التربية، فمن ينظر في أسماء مدارس فلسفة التربية يجد أنها ذات المدارس الفكرية التي يتحدث عنها الفلاسفة "فهناك فلسفة مثالية عامة، وهناك فلسفة مثالية في التربية"1، وهناك فلسفة براجماتية عامة، وهناك فلسفة براجماتية في التربية.. وهكذا.

مفهوم النظرية التربوية:

النظرية التربوية هي مجموع المبادئ المترابطة التي توجه العملية التربوية وتحكم الممارسات التعليمية2.

فوظيفة النظرية التربوية -كما يقول "بول هيرست"- هي التشخيص والعلاج، فهي تصف وتقرر ما ينبغي عمله مع الناشئة، وتوجه وترشد الممارسات التربوية.

ومن هذا المنطق، فإن بول هيرست وغيره "من المربين الغربيين يدعون إلى إعطاء الفلسفة دورا رئيسيا في بناء النظرية التربوية؛ لأنها تمدهم بالقيم التي يريدون غرسها في الناشئة"3.

اعتماد النظرية على الفلسفة:

يوضح "مور" العلاقة بين الفلسفة والنظرية التربوية، فيشبه العملية التربوية بالبناء المكون من عدة طوابق، ففي الطابق الأول توجد مختلف الأنشطة والممارسات التعليمية، كالتدريس، والتدريب والتخطيط، وكل الممارسات التي يشترك فيها المدرسون والطلاب والإدارة المدرسية، وفي الطابق الثاني توجد النظرية التربوية التي يمكن اعتبارها مجموعة من المبادئ والإرشادات التي تهدف إلى توجيه وإرشاد الممارسات التعليمية الجارية في الطابق الأول. وفي الطابق الثالث أو الأعلى، توجد فلسفة التربية التي تعنى بكل ما يدور في الطابقين الموجودين أسفل منها، إنها تحلل المفاهيم مثل التربية، والتعليم، والخبرة، وتحدد المعاني التي تدخل في بناء النظرية في الطابق الثاني، وتوجه الممارسات التربوية في الطابق الأول4.

إذن فكل مناهج التربية الغربية تعتمد على نظريات ترشدها وتوجه سلوكها، وكل نظرية تعتمد على فلسفة أو أكثر تستمد مبادئها ومفاهيمها منها.

والتربية الإسلامية بمناهجها المتنوعة تعتمد على التصور الإسلامي لحقائق الألوهية والكون والإنسان والحياة، فهو يقوم منها مقام الفلسفة في المناهج الأخرى، ومقام النظرية.

{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153] . هذا هو صراط الله، وهذا هو سبيله.. وليس وراءه إلا السبل التي تتفرق بمن يسلكونها عن سبيله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015