ما يقدم في المراحل المتتابعة لا بد أن يكون شاملا ومتكاملا، ومتدرجا من العموم إلى الخصوص، ومن البسيط إلى العميق.
وخاصية الشمول هذه لا تتوافر بشكل صحيح إلا لمنهج مثل منهج الإسلام في التربية، الذي ينطلق من قاعدة واحدة وتصور واحد، ويهدف إلى غايات ومقاصد متعددة، مع اختلاف الأساليب والطرائق في تحقيقها.
رابعا: أن يكون المحتوى مناسبا لنوعيات المتعلمين الصغار والكبار، ففي المدرسة الابتدائية يكون التركيز على تكوين المفاهيم الجوهرية، كمفهوم حقيقة الألوهية، ومفهوم الكون، ومفهوم الإنسان والطبيعة الإنسانية، ومفهوم الحياة.
كما يجب أن يركز المحتوى أيضا على تربية الضمير والوجدان من خلال الحقائق والمعايير والقيم الإلهية الثابتة، وعن طريق القدوة، والتلقين، والتقليد، ثم التفكير الإسلامي المنظم.
وفي المدرسة الإعدادية، يبدأ تساؤل الطلاب عن مصدرهم ومصيرهم، وعلاقتهم بالكون من حولهم، ووظيفتهم في الحياة، وهنا تبرز أهمية تعميق التصور الإسلامي لحقيقة الألوهية، وحقيقة الكون والإنسان والحياة، وطبيعة موقف الإنسان من الكون وعلاقته بالحياة غيبها وشهودها.. وهنا يبدو التلاميذ مشتاقين إلى معرفة النظم التي تحكم العالم من حولهم، وطبيعة النظام الذي يعيشون فيه.
وهنا تبدو أهمية دراسة الشريعة والقانون، والاقتصاد والسياسة، والتاريخ والجغرافيا، والطبيعة الإنسانية في التصور الإسلامي، في هذه المرحلة العمرية يختل توازن عمليات النمو لدى التلاميذ.. ووظيفة المنهج هي محاولة إعادة التوازن، والتقليل من الاضطرابات، وتقبل الأوضاع التي تطرأ، والعمق في فهم فطرة الإنسان وطبيعته البشرية التي طبعه الله عليها.
وهنا مرحلة اختيار الأصدقاء والأصحاب، وتنمية الولاءات وتنمية مهارات العمل وقوانينه والإحسان فيه، وهنا تظهر أهمية غرس قيم الحرية والمسئولية، والعلم، والعدل، والوحدة، والجهاد، والتعاون، والتراحم، والتكامل.. في هذه المرحلة تظهر المسألة الجنسية بصورة حادة، ومن الخطأ القيام بأي شيء يؤدي إلى كبت الدوافع الجنسية أو استقذارها, والمطلوب من المنهج هو تهيئة الفرص أمام الطلاب لتصريف طاقاتهم بالانشغال في الأعمال المدرسية والاجتماعية الإيجابية البناءة، فالبيئة الغنية بالأعمال الصالحة تخفف من حدة الجنس إلى حد كبير، ومن المهم هنا أيضا إحاطة التلاميذ بجو نفسي واجتماعي فاضل وتهيئة الفرص أمامهم لتوجيه قواهم وطاقاتهم في الدراسات الجادة والأعمال النافعة.