إن الهدف الذي ينبغي أن تعمل المناهج التعليمية على تحقيقه هنا هو تنمية شعور الناشئة وإدراكهم للمسئولية الاجتماعية.
لقد اتضح لنا مما سبق أن الحرية والمسئولية وجهان لعملة واحدة، فالإنسان حر لأنه مسئول، وهو لا يصح أن يكون مسئولا إلا إذا كان حرا، فالمسئولية تتطلب الحرية، والحرية تستتبع المسئولية.
وهناك فرق بين المسئولية الجماعية وبين المسئولية الاجتماعية، فالمسئولية الجماعية إحساس الجماعة ككل بمسئوليتها عن أفكارها وأفعالها وأفرادها، أما المسئولية الاجتماعية فهي المسئولية الذاتية نحو الجماعة، فالمسئولية هنا مسئولية ذاتية, والإنسان مسئول أمام ذاته عن الجماعة.
وإذا كانت المسئولية الاجتماعية تكوينا ذاتيا، كما يقول الدكتور سيد عثمان، فإنها في جانب كبير من نشأتها ونموها نتاج اجتماعي، أي: إنها اكتساب وتعلم، وهنا يأتي دور الجماعة عن طريق مؤسساتها المتنوعة، وفي مقدمتها الأسرة والمدرسة في تنمية المسئولية الاجتماعية.
وتتكون المسئولية الاجتماعية من عناصر ثلاثة: الاهتمام، والفهم، والمشاركة، وجميعها لا بد من تنميتها وتعميقها لدى الناشئة1.
والمقصود بالاهتمام الارتباط العاطفي بالجماعة التي ينتمي إليها الفرد، صغيرة كانت أم كبيرة، ذلك الارتباط الذي يخالطه الحرص على استمرار تقدمها وتماسكها وبلوغها أهدافها، والخوف بأن تصاب بأي عامل أو ظرف يؤدي إلى إضعافها أو تفككها.
فالإحساس بالمسئولية الاجتماعية هنا يأتى من خلال الانفعال مع الجماعة والانفعال بها، وإدراك الذات من خلالها، والتوحد معها بحيث تصبح الجماعة داخل الفرد عقليا ووجدانيا.
أما الفهم فذو شقين: الأول فهم الفرد لتاريخ الجماعة، الذي بدونه لا يتم فهم حاضرها ومستقبلها، وفهمه لفلسفتها وعقيدتها، ولروابطها وصلاتها، ولنظمها ومؤسساتها، وعاداتها وقيمها ووضعها الثقافي، وللظروف والقوى المؤثرة، وحاضرها الواقع ومستقبلها المحتمل.
أما الشق الثاني من الفهم، فهو فهم الفرد للمغزى الاجتماعي لأفعاله وإدراكه لآثار أفعاله وتصرفاته وقراراته على الجماعة، أي: فهم القيمة الاجتماعية لأي فعل أو تصرف يصدر عنه.
أما العنصر الثالث فهو المشاركة، والمقصود به اشتراك الفرد مع الآخرين في الجماعة في إنجاز الأعمال التي يمليها الاهتمام ويتطلبها الفهم، بما يساعد الجماعة في إشباع حاجاتها وحل مشكلاتها، والوصول إلى أهدافها، والمحافظة على تقدمها واستمرارها.
وهذه العناصر الثلاثة: متكاملة، فالاهتمام بالجماعة يحرك الإنسان إلى فهمها وكلما زاد فهمه زاد اهتمامه، والاهتمام والفهم معا يؤديان إلى المشاركة الإيجابية الناقدة.