الحرية المسئولة أساس العلاقة بين الفرد والمجتمع 1:

الحرية هي الأساس الرابع الذي قام عليه بناء المجتمع الإسلامي، لقد فطر الله الإنسان على الحرية، فالحرية فطرة في الطبيعة الإنسانية، فالله -سبحانه- خلق الإنسان حرا؛ لأنه جعله مسئولا عن تنفيذ منهجه في الأرض، فالإنسان حر؛ لأنه مسئول، فالحرية تستتبع المسئولية، والمسئولية تستلزم الحرية، فنشاط الإنسان المسلم كله حر، وهو كله عبادة لله، ما دام الإنسان متجها بنشاطه نحو هذه الغاية.

ومعنى كون الحرية فطرة فطر الله الإنسان عليها، أنها ليست مجرد منحة يمنحها النظام الاجتماعي للإنسان، أو يمنعها عنه، وإنما هي قيمة غريزية غرزها الله في خلق الإنسان حين خلقه. ويعبر عن هذا المعنى قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟! ".

فالحرية حاجة أساسية من حاجات النفس لا بد من إشباعها، وهي حق من حقوق الإنسان لا بد من ممارسته، فلا عجب -إذن- أن ينحرف سلوك الإنسان ويسوء عمله، وتهبط أخلاقه، ويتدهور حال مجتمعه كله، إذا حوصر ومنع من ممارسة حريته, أو إذا انفلت في ممارستها دون ضبط أو تنظيم وفق معايير المنهج الإلهي.

والإسلام يسير في هذا مع مقتضى فكرته عن فطرة الإنسان على الإيمان بالله وحده، فالإنسان غير المسلم الذي تصل إليه فكرة الإسلام واضحة جلية دون ضغوط أو حصار أو رفض قائم على مقدرات سابقة، لا بد أن يعود إلى فطرته السليمة التي فطر الله الناس عليها، لكن الإسلام يريده أن يعود إلى الله بإرادته الحرة الواعية. فهذا هو الطريق الوحيد الذي يستوجب المسئولية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015