في الأرض بإيجابية وفاعلية. فالتقاعس عن التعليم والتعلم، وانتشار الجهل هما سير ضد الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وضد مقتضيات القيام بحق الخلافة في الأرض؛ لأنها سبيل الخراب والتخلف لا العمار والرقي، وهنا ترتبط قضية العلم، بقضية الإيمان بالألوهية والوحدانية، وبقضية خلافة الإنسان في عمارة الأرض وترقيتها برباط واحد، وأي منهج للتربية لا تظهر فيه هذه العلاقة الوطيدة فهو منهج منحرف، ولا علاقة له بالإسلام1.

والخلاصة، أن المجتمع المتحضر يتخذ العلم وسيلة للحفاظ على فطرة الله في الإنسان وهي العلم بالألوهية والوحدانية، والاعتراف بالربوبية، كما يتخذه وسيلة لإقدار أبنائه على المساهمة بإيجابية وفاعلية في عمارة الأرض وترقيتها وفق منهج الله.

التدفق المعرفي:

يتلقى الإنسان معرفته من الوحي والنص، ومن الكون والحياة، فالإسلام يرد كل شيء ابتداء إلى إرادة الله وتدبيره، ويرد الخلق كله بما في ذلك الكون، والإنسان، والمعرفة إلى إرادة الله الواحد، ومن ثم فلا تناقض في أن يكون الكون أو "الطبيعة"، وأن تكون الحياة بأوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية مصدرا آخر للمعرفة بجانب الوحي، وعن طريق العقل، وسائر المدارك والطاقات فيه، باعتبار أن هذا كله من صنع الله، فهي من عنده، كما أن الوحي من عنده أيضا.

ولكي يقوم الإنسان بحق الخلافة كاملا، لا بد من إعداده وتربيته من خلال مناهج مخططة ومنظمة, بحيث يكون قادرا على مواجهة التدفق المعرفي الهائل الذي نتج عن الثورة الهائلة في تكنولوجيا الاتصالات. ويلزم لذلك ثلاث مهارات رئيسية.

1- القدرة على الاختيار والانتقاء من المعارف المتدفقة.

2- القدرة على إعادة تنظيم المعرفة في نسق علمي ومنطقي.

3- القدرة على الاستخدام الأمثل للمعرفة في إنتاج الأفكار والأشياء.

العلم وتعليم الكبار:

لقد بدأ تعليم الكبار في تاريخ البشرية بتعليم الله لآدم الأسماء كلها: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 31، 32] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015