والله تعالى يقول: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (?).
والضرب في الأرض: السفر فيها، ومنه سمى أخذ [مال القراض] (?) مضاربة عند بعض العلماء؛ لأنهم كانوا في الجاهلية إذا أخذ أحدهم مالًا [قراضًا] (?) خرج إلى الشام أو إلى غيرها ليشتري به أو يبيع هناك.
ثم لابد [لهذا السَّفر] (?) مِنْ أنْ يُقَيَّد بِحَدٍ وغَاية لا يقصر المسافر دونها؛ لأن السفر في موضع اللغة ينطلق على القليل والكثير، فاختلف العلماء فيه اختلافًا كثيرًا؛ فمنهم من يقول: أقل ما يقع عليه اسم السفر، وهو مذهب أهل الظاهر.
وذهب الشافعي وغيره إلى أن الصلاة تقصر في أربعة [بُرَد] (?).
وذهب أبو حنيفة إلى أن أقل ما تقصر فيه الصلاة مسيرة ثلاثة أيام.
وسبب الخلاف: معارضة المعنى المعقول من اللفظ؛ وذلك أن المعقول من تأثير القصر في السفر أنه [لما كانت] (?) المشقة الموجودة [فيه] (?) مثل تأثيره في [الصوم] (?)، وإذا كان الأمر كذلك وجب القصر حيث وجدت المشقة أو ما هو مظنة للمشقة، واللفظ ظاهر يفيد تعلق الحكم به كان مقتضاه مظنة المشقة أم لا.