جاع في السوق أكل في السوق.
وألح عليه رجل بالشتيمة وهو ساكت؟ فقال: أرأيت إن نبحك كلب أتنبحه، وإن رمحك حمار أترمحه؟
وكان إذا خرج في الفجر يريد الفرات ألقى في دوارة بابه حجرًا، حتى لا يعاني دفع بابه إذا رجع. وكان كلما رجع إلى بابه وجد الحجر مرفوعًا والباب منصفقًا، فعلم أن أحدًا يأخذ الحجر من مكانه، فكمن لصاحبه يومًا، فلما رآه قد أخذ الحجر، قال: مالك تأخذ ما ليس لك؟ قال: لم أعلم أنه لك. قال: فقد علمت أنه ليس لك.
وأما جعيفران الموسوس الشاعر، فشهدت رجلًا أعطاه درهمًا، وقال له: قل شعرًا على الجيم فأنشأ، يقول:
عادني الهم فاعلتج ... كل هم إلى فرج
سل عنك الهموم بالكاس ... وبالراح تنفرج
وكان يتشيع، فقال له قائل: أتشتم فاطمة وتأخذ درهمًا؟ قال: لا بل أشتم عائشة وآخذ نصف درهم.
وهو الذي يقول:
ما جعفر لأبيه ... ولا له بشبيه
أضحى لقوم كثير ... فكهلم يدعيه
فذا يقول بنيي ... وذا يخاصم فيه
والأم تضحك منهم ... لعلمها بأبيه
ومن أخبارهم أيضًا ما ذكره الجاحظ عن بعض من اعتلى المنبر منهم ونوادر أخرى نجتزئ منها:
خطب قبيصة بن المهلب، وهو خليفة أبيه على خراسان وأتاه كتابه، فقال: هذا كتاب الأمير، وهو والله أهل؛ لأن أطيعه، وهو أبي وهو أكبر مني.
وكان -فما زعموا- ابن لسعيد الجوهري، يقول: صلى الله تبارك وتعالى على محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن أخبارهم أيضًا: صعد عدي بن أرطاة على المنبر، فلما رأى جموع الناس حصر، فقال: الحمد لله الذي يطعم هؤلاء ويسقيهم.
ومن طرائفهم أيضًا ما قد ذكر عن روح بن حاتم حين صعد المنبر فلما رأى الناس رافعين رؤوسهم متجهين بأبصارهم إليه وأسماعهم نحوه، قال: نكسوا رؤوسكم، وغضوا