ومن الأمور الهامة التي ينبغي ألا تفوت الباحث أن العلم الواسع والمعرفة الشاملة لم يكونا وقفًا على عالم واحد في زمان بعينه، لا يشاركه فيهما أحد ولا ينازعه فيهما منازع، المسألة لم تكن تسلسلًا زمنيًّا منسقًا بحيث يموت علم من أعلام المعرفة فيظهر من بعده آخر، وإنما كان العلماء الكبار يتعاصرون ويلتقون، خصوصًا أولئك الذين كانوا يعيشون في مصر والشام، هذين البلدين الذين ظلَّا يشكلان بلدًا واحدًا على مدى عصور التاريخ، وكانت ظاهرة الوحدة بينهما أكثر وضوحًا في العصر المملوكي منها في بقية العصور.