ولكن الأمر الذي يدعو إلى احترام المؤلف، والإعجاب بالكتاب أن المؤلف ذكر مراجعه التي اعتمد عليها، وهو يؤلف كتابه وذلك في قوله1:
"وقد وجد عندي مما أحتاج إليه من المعونة، والآثار المتعلقة بهذه المؤنة، ذيل النجم الغزي وطبقات الصوفية للمناوي، وتاريخ الحسن البوريني وذيله لوالدي المرحوم، وخبايا الزوايا والريحانة للخفاجي، وذكرى حبيب للبديعي، ومنتزه العيون والألباب لعبد البر الفيومي، هذا ما عدا المجاميع والتلقيات من الأفواه والمكاتبات، وكان بقي على بعض أخبار اليمن والبحرين والحجاز، وقد تعسر علي في طريق تطلب حقيقتها المجاز، فلما من الله علي وله المنة، والمنحة التي لا يشوبها كدر المحنة، بالمجاورة في بيته المعظم، والالتقاط من بحار أهليه الدر المنظم، تلقيت من الأفواه تراجم لأناس يسيرة، كانت في التحصيل علي عسيرة، وهم وإن كانوا قليلين في العدد، فإنهم كثيرون بسب أنهم ذريعة للمدد في كل المدد، وقد يقال إن أعداد الكبار الشم الأنوف، ربما عدلت عشراتها بالمئين ومئوها بالألوف، ثم وقفت في أثناء السنة على ذيل الجمالي محمد الشبلي المكي الذي ذيل به على النور السافر، في أخبار القرن العاشر، للشيخ عبد القادر بن الشيخ العيدروس، والمشرع الروي في أبخار آل باعلوي له أيضًا، وعلى تراجم منقولة من تاريخ ألفه الصفي بن أبي الرجال اليمني في أهل اليمن، فأجلت فكري في مجالها، وألحقتها بحسب ترتيبها في محالها. وكان وصلني خبر الكتاب الذي أنشأه السيد علي بن معصوم ذيلًا على الريحانة، ووسمه بسلافة العصر، في شعراء أهل العصر، فلم أزل حتى حصلته، وقطعت به أمر الطلب ووصلته. وأتحفني بعض الأفاضل بذيل الشقائق الذي ألفه ابن نوعي بالتركية، وضمنه معظم أهل الدولة العثمانية، ووصلني بعض الإخوان بقطعة من تاريخ أنشأه الشيخ مدين القوصوني المصري ذكر فيه تراجم كبراء العلماء من أهل القاهرة، وزين طروس سطوره بمآثرهم الباهرة، فكانتا عندي فاكهتين باكورتين وتحفتين بلسان البراعة مشكورتين فجمعت الجميع على نية الترتيب، مستعينًا في خصوصه بالفياض المجيب، وأضفت إلى تلك الأخبار المواليد والوفيات، حسبما حررته من التعاليق التي هي بهذا الغرض وافيات، وما أقدمني على هذا الشأن، إلا تخلف أبناء الزمان، عن إحراز خصل الفضل في هذا الميدان:
لعمر أبيك ما نسب المعلى ... إلى كرم وفي الدنيا كريم
ولكن البلاد إذا اقشعرت ... وصوح نبتها رعي الهشيم
فإنا ذلك الهشيم، الذي سد مسد الكريم، كيف وقد نجم نجم الجهل، وصوح نبت