...
الباب التاسع: كتب التراجم:
الفصل الأول: الفهرست لابن النديم:
حين اتسع نطاق المعرفة، وكثر عدد الأعيان الذين لعبوا أدوارًا هامة في تاريخ الحياة العربية والمعرفة الإسلامية، والفنون الأدبية، كان من الطبيعي أن تتجه مناهج المؤلفين إلى الكتابة عن هؤلاء جميعًا بشكل يشفي الغلة ويروي الظمأ في نطاق دراسة علم بعينه أو عالم بذاته أو شاعر بتفرده. أو في نطاق كل ذلك مجتمعًا. فكان أن نشأت أنماط من الكتب التي تتولى الترجمة لأعيان العلماء وعظماء الشخصيات، وكان أهم تلك جميعًا كتب الطبقات، وكتب التراجم.
أما كتب الطبقات فإنها تترجم لجماعات من الأعيان اتَّحدت في الغالب مشاربهم، وتلاقت ثقافاتهم، وتوحدت تخصصاتهم، فهناك طبقات الشعراء، وطبقات الأدباء وطبقات المفسرين، وطبقات المحدثين، إلى غير ذلك من كتب الطبقات، وقد خصصنا طبقات الأدباء بباب منفرد في هذا الكتاب مضى قبل صفحات عدة.
وأما كتب التراجم فإنها في الأغلب لا تختص بفئة واحدة معينة متفقة المشارب، مشتركة أسباب المعرفة، وإنما تترجم لكل الأعيان من ملوك وسلاطين، ووزراء وقواد، وعلماء، وفلاسفة، وشعراء وأدباء، وفقهاء، وظرفاء إلى غير أولئك ممن تنطبق على الواحد منهم صفة عين من أعيان الزمان، وذلك باستثناء كتابين شهيرين هما كتاب "الفهرست" وكتاب "معجم الأدباء" الذي سوف يأتي ذكرهما بعد قليل ...
ونستطيع في ضوء ذلك أن نقسم كتب التراجم إلى خمسة أقسام محاولين أن نستعرض بعضًا منها في كل قسم من أقسامها تلك التي ذكرنا.
فأما القسم الأول، فإن له صفة الشمول بمعنى أنه يترجم للمادة العلمية نفسها ويعرف