فتىً لا يرى خرق القميص بخصره ... ولكنما توهي القميص كواهله

فتىً ليس لابن العم كالذئب إن رأى ... بصاحبه يومًا دمًا فهو آكله

يسرك مظلومًا ويرضيك ظالمًا ... وكل الذي حملته فهو حامله

إذا القوم أموا بيته فهو عامد ... لأحسن ما أقواله وهو فاعله

إذا نزل الأضياف كان عذوَّرًا ... على الحي حتى تستقر مراجله

إذا كان حين الجد يرضاك جده ... وذو باطل إن شئت أرضاك باطله

مضى وورثناه دريس مفاضة ... وأبيض هنديًّا طويلًا حمائله

وكنت أعير الدمع قبلك من بكى ... وأنت على من مات بعدك شاغله

إن ثمة فرقًا كبيرًا في طريقة الاختيار بين كل من أبي تمام والبحتري، فحين يورد أبو تمام اختيارات من الشعر الذي قيل في ذم المرأة ويجعله في باب مستقل بذاته من أبواب حماسته، ويبعثر شعرها النفيس في الأبواب الأخرى، أو يضمنه باب الرثاء دون الإشارة إليه في عناوين أبواب حماسته ومحتوياتها، يخصص البحتري في حماسته بابًا كاملًا يأتي فيه بنماذج جيدة رائعة لشعر المرأة نفسها وإن قصره على الرثاء. حبذا لو كان توسع في بابه هذا فجعله يشمل أغراضًا أخرى من شعر النساء.

رابعًا: على الرغم من أن البحتري أتى في حماسته بمختارات تكاد تصل إلى ضعف مختارات أبي تمام من حيث العدد، إلا أنه، أي البحتري، وقف باختياراته عند شعراء مخضرمي الدولتين. لقد وقف عند مطيع بن إياس المتوفى سنة 166هـ وأكثر من الاختيار لمعاصر مطيع وصديقه صالح بن عبد القدوس الذي توفي أو قتل قبل صاحبه بست سنين، وجاء له بخمس وأربعين قطعة -وهو عدد كبير- مفرقة على الأبواب المختلفة، وإن اختيار هذا العدد الكبير من المقطوعات لصالح بن عبد القدوس يشكل قرينة واضحة على أن البحتري استهدف من وراء اختياراته الحكمة وغرس الخلق الكريم، فقد كان "صالح" على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015