هذا وأكثر المختارات قليلة عدد الأبيات يتراوح أكثرها بين الستة والتسعة، غير أنها في بعض الأحيان تطول حتى تصل إلى اثنين وعشرين بيتًا كما هو الحال في قصيدة عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي اللامية القافية التي ينسبها بعض الرواة إلى السموأل بن عادياء1

وأحيانًا تتقلص المقطوعة فتصبح بيتًا واحدًا كما هو الحال في القطعة رقم 851 وهي لشاعر غير معروف:

إذا اجتمع الجوع المبرح والهوى ... على الرجل المسكين كاد يموت

أو القطعة رقم 854 وهي الأخرى لشاعر غير معروف، يقول:

وإنا لنجفو الضيف من غير عسرة ... مخافة أن يضرى بنا فيعود

وهاتان القطعتان -أعني البيتين- جاءنا في باب الملح2.

ثانيًا: نود أن نلفت النظر إلى أنه ليس صحيحًا ما ذكره بروكلمان، وهو يتحدث عن حماسة أبي تمام من أنه قصر اختياره على شعراء الجاهلية والإسلام، فإن أبا تمام وسع دائرة اختياره ابتداء من الشعراء الجاهليين وانتهاء بشعراء معاصرين له، مرورًا بطبيعة الحال بالإسلاميين، والأمويين، ومخضرمي الدولتين من أمثال أبي حية النميري والحسين بن مطير الأسدي، معرجًا على رواد المرحلة العباسية من أمثال مسلم بن الوليد، وأبي نواس، وأبي العتاهية، وأبي الشيص، ومنصور النمري. وأكثر هؤلاء قد عاصروه، بل إن منصورًا النمري ولد معه في سنة واحدة 188هـ، وماتا معًا في سنة واحدة هي سنة 231هـ، بل إنه جاء بإحدى المختارات التي يشتبه في أنها لدعبل الخزاعي الذي عمر طويلًا وولد قبل مولد أبي تمام ومات بعد موته 148-246هـ، بل إنه هجا صاحب الحماسة وربما كان ذلك السبب الرئيسي -فيما لو صحت الرواية- في عدم نسبة الحماسية لشاعر بعينه 3.

ثالثًا: خص أبو تمام موضوع الحماسة وحده بمائتين وإحدى وستين حماسية، فإذا كانت المختارات كلها ثمانمائة وإحدى وثمانين حماسية، يكون موضوع الحماسة يشكل أكثر من ربع الكتاب، ومن ثم يكون أكثر شعرائه من الجاهليين والإسلاميين، الأمر الذي أوقع بروكلمان في الخطأ الذي سبقت الإشارة إليه قبل قليل، وتكون تسمية الكتاب بهذا العنوان الذي أطلقه عليه جامعه تسمية مناسبة. والموضوع الذي يلي "الحماسة" من حيث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015