والملاحظ أنهم من الأوس والخزرج.
والمجموعة الخامسة من مختارات القرشي في جمهرته وضعها تحت عنوان "أصحاب المراثي"، وجاء بسبع من المراثي الجيدة التي نال بعضها شهرة كبيرة، مثل القصيدة العينية لأبي ذؤيب الهذلي، والقصيدة اليائية لمالك بن الريب، التي رثى بها نفسه، والقصيدة العينية لمتمم بن نويرة، ومرثية ذي جدن الحميري في رثاء دولة حمير، ومرثية محمد بن كعب الغنوي في أخيه أبي المغوار الذي قتل في يوم ذي قار، ومرثية أعشى باهلة في أخيه "المنتشر" الذي قتله بنو الحارث بن كعب، ومرثية أبي زيد الطائي في أخيه الجلاح.
والمجموعة السادسة التي اختارها القرشي وضعها تحت عنوان "أصحاب المشوبات" وربما قصد بذلك أنها قد شابها الكفر والإسلام، وهي رائية للنابغة الجعدي، ولامية كعب بن زهير "بانت سعاد" ولامية للقطامي عمير بن شييم، ولامية للحطيئة وقصيدة زايية للشماخ بن ضرار التي تناول فيها رحلة حمر الوحش، وقصيدة رائية لعمرو بن أحمر، وأخرى لتميم بن مقبل العامري.
والمجموعة السابعة وضعها أبو زيد تحت عنوان "أصحاب الملحمات" وهي قصائد سبع شهيرة لسبعة من الفحول هم: الفرزدق، وجرير، والأخطل، والراعي، وذو الرمة، والكميت بن زيد الأسدي، والطرماح بن حكيم الطائي.
والذي نلاحظه أن عددًا غير قليل من قصائد الجمهرة قد ورد عند كل من المفضل والأصمعي في مختاراتهما، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن القرشي قد أبدى اهتمامًا بالشعراء المشهورين الفحول المكثرين مثل: الفرزدق، وجرير، والأخطل، والراعي، وذي الرمة، والقطامي، والحطيئة، والشماخ، والكميت، والطرماح، وهو في ذلك يخالف المفضل وصاحبه الأصمعي مخالفة جوهرية في منهج القصائد، فلا زلنا نذكر نصيحة أبي جعفر المنصور للمفضل الضبي حين أوصاه بأن يختار لتأديب ولده المهدي قصائد الشعراء المجيدين المقلين الأمر الذي لم يلتزمه أبو زيد القرشي في اختياراته التي أسماها الجمهرة.
ومهما كان الأمر فإن في الجمهرة منهجًا وترتيبًا واختيارًا ونصوصًا، ما يميزها عن سابقاتها من محاولات الاختيار، ولكنها تظل حلقة متينة في هذه السلسلة الباكرة من اختيارات الشعراء التي إن تعددت عناوينها وتباينت أسماؤها فهي في آخر الأمر تقصد إلى الهدف نفسه، وتصل بنا إلى الموضوع الذي خصصنا له هذا الباب، وهو موضوع الاختيارات من شعر الشعراء.