الحين والحين بملحة طريفة أو نادرة فكهة من تلك التي سبق أن وردت عند الجاحظ، أو المبرد مع إكثار من طرائف الأصمعي وأخباره.

وهذا وإن الشريف قد ألقى آخر حلقة من سلسلة أماليه في الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة 413هـ وكانت سنه آنذاك ثمانية وخمسين عامًا، وأما السنوات الثلاث والعشرون التي عاشها بعد ذلك فلم يلق فيها من الأمالي إلا القليل التي ألحقت بآخر الكتاب، نحا فيها النحو نفسه ونهج النهج عينه.

والأمر الذي لا شك فيه أن لأمالي المرتضى لونًا خاصًّا بها وذوقًا متميزًا، ونهجًا مختلفًا، وشخصية متماسكة، وإذا كانت هناك بعض السمات التي تربط بينها وبين مثيلاتها من أمالٍ ومجالس، فإن الأغلب على أمالي المرتضى شخصيتها المتميزة، وموادها النفيسة التي ربما كانت أخف على النفس وأقرب إلى القلب وأيسر على الخاطر، وأنشط على الإفادة والاستيعاب. فإن فرقًا كبيرًا نستطيع أن نلمسه بين أمالي القالي وأمالي المرتضى، أمالي الأول تتسم بروح الجدية والإغراب والعمد إلى إظهار الوفرة العلمية عمدًا، وأما الثاني ففي أماليه سمات شخصيته السمحة، الخالية من التعقيد، الواثقة من نفسها وعلمها وفي مجتمع يكن لها الاحترام الموروث والمكتسب، فإن منصب نقيب الطالبيين كان يحظى بالكثير من الاحترام والإجلال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015