يتنقل المؤلف بعد ذلك مباشرة إلى الحديث عن كل قضية أو معنى من القضايا والمعاني التي أوردها بالشرح والإبانة وذكر المناسبة الخاصة بها مع استشهاد بالشعر إذا لزم الأمر. ففي مجال الاستشهاد بحلة امرئ القيس يجعلها "مثلًا للشيء الحسن يكون له أثر قبيح، والمبرة يكون في ضمنها عقوق، والكرامة يحصل منها إهلاك، ذلك أن أمرأ القيس بن حجر لما خرج إلى قيصر يستنجده على قتلة أبيه ويستعينه في الاستيلاء على ملكه أكرمه وأمده بجيش، ثم لما صدر من عنده وشى الوشاة به إليه، وأخبروه بما يكره من شأنه، وخوفوه عاقبة أمره، فندم على تجهيزه وأتبعه بحلة مسمومة عزم عليه أن يلبسها في طريقه. فلما لبسها تقرح جلده وتساقط لحمه واشتد سقمه ففي ذلك يقول:
وبدلت قرحًا داميًا بعد صحة ... وبدلت بالنعماء والخير أيؤسا
ولو أن نومًا يشترى لاشتريته ... قليلًا كتغميض القطا حيث عرسا
فلو أنها نفس تموت صحيحة ... ولكنها نفس تساقط أنفسا
ثم لما نزل أنقره مات بها وإنما سمى "ذا القروح" لهذه القصة.
والكتاب في جملته عمل أدبي رفيع القدر جليل الشأن ومن ثم فقد أهداه المؤلف إلى الأمير الجليل الأديب أبي الفضل الميكالي في نيسابور.
كتاب خاص الخاص:
وإذا ما عرضنا لكتاب "خاص الخاص" وجدناه هو الآخر له من اسمه نصيب كبير بحيث وصف بأنه "وعاء ملئ علمًا" و"ظرف حشي ظرفًا" فهو منتخبات شعرية نثرية جميعها من بدائع النثر وطرائف الشعر.
وخاص الخاص يقع في ثمانية أبواب:
الباب الأول: فيما يقارب الإعجاز من إيجاز البلغاء وسحرة الكتاب.
الباب الثاني: في أمثال العرب والعجم.
الباب الثالث: فيما جاء من الأمثال على وزن "أفعل من كذا".
الباب الرابع: في لطائف الظرفاء: شخصيات عديدة ومناسبات مختلفة.
الباب الخامس: في "كلمات" لأصحاب الصناعات والمهن والحرف.