فإذا ما انتقلنا إلى منهج المؤلف في تأليف كتابه وجدناه قدم مادته في نطاق ما يمكن أن نسلم بأنه منهج علمي حديث وتبويب ظاهر الاتساق والتناسب، باستثناء بعض الاستطراد أو الخبر المقحم بين الحين والحين، ولا بأس عليه في ذلك، فالكتاب في منتصف القرن الثالث الهجري تقريبًا.
أما الموضوعات التي طرق المؤلف أبوابها فيمكن عرضها على المنهج الآتي:
أولًا: بلاغة بعض أمهات المؤمنين مثل السيدة عائشة والسيدة حفصة، ونماذج من أقوالهن وخطبهن في مناسبات متعددة، ونماذج من بلاغة نساء آل بيت الرسول في مقدمتهن البتول فاطمة الزهراء والسيدتان زينب وأم كلثوم ابنتا علي بن أبي طالب، ثم نماذج أخرى لبلاغة شهيرات النساء اللاتي ساعدن علي بن أبي طالب بخطبهن وبلاغتهن، والإتيان بصورة لمواجهاتهن لمعاوية بعد أن اعتلى دست الحكم، وما جرى بينه وبين كل واحدة منهن من حوار، فقد حرص معاوية على أن يواجه أكثر النساء الائي ساعدن عليًّا ضده، ولكنه كان من الحصافة بحيث لم يوقع بواحدة منهن أذى بل ربما أحسن إلى بعضهن، فمن هؤلاء النساء البليغات اللاتي واجهن معاوية: سودة بنت عمارة، والزرقاء بنت عدي، وبكارة الهلالية، وأم الخير بنت الحريشي وأخريات. كما اهتم هذا الباب من الكتاب ببليغات باسلات أخريات مثل صفية المنقرية وأسماء بنت أبي بكر، الأولى وهي وافقة على قبر قريبها الأحنف بن قيس ترثيه، والثانية وهي تحاور ولدها عبد الله بن الزبير وتدفع به إلى قتال جيش الأمويين. كما أورد الكتاب نصوصًا أخرى كثيرة بليغة وألوانًا عديدة من الحوار الممتع الذي جرى على ألسنة النساء العربيات اللاتي من بينهن كثيرات من الأعلام.
ثانيًا: الاهتمام بالمرأة وبلاغتها في الجاهلية وإيراد نماذج عديدة لقوة عارضة المرأة العربية في الجاهلية ولسنها وسرعة بديهتها وحصيلتها الكبيرة من الألفاظ القوية، والدقة المتناهية في استعمالها، مثل ذلك الحوار الذي جرى بين جمعة وهند ابنتي الخس والقلمس الكناني في سوق عكاظ، وسوف نعرض طرفًا منه بعد قليل.
ثالثًا: كلام النساء العربيات وبلاغتهن في وصف حياتهن الاجتماعية وصلاتهن بأزواجهن بين مدح وقدح ورضى ونقد، ومنازعات الضرائر ووصايا الأمهات لبناتهن عند الزواج ومشاحنات الفتيات وزوجات أبيهن -كل ذلك يجري شعرًا ونثرًا تمشيًا أمينًا مع العنوان الكبير للكتاب وهو المنثور والمنظوم، وسوف نعرض بعد قليل أنموذجًا لهذا اللون الطريف من خلال الحوار الذي جرى بين بنت روح