له الخليفة ممتحنًا له: وما الكلأ؟ فترد في الجواب وتعثر لسانه، ثم قال: لا أدري، فقال: سل عنه.

ويمضي ابن قتيبة مستطردًا في شرح الغرض من كتابه قائلًا:

ونحن نستحب لمن قل عنا وائتم بكتبنا أن يؤدب نفسه قبل أن يؤدب لسانه ويهذب أخلاقه قبل أن يهذب ألفاظه، ويصون مروءته عن دناءة الغيبة، وصناعته عن شين الكذب، ويجانب -قبل مجانبته للنص وخطل القول- شنيع الكلام ورفث1 المزح: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم -ولنا فيه أسوة- يمزح ولا يقول إلا حقًّا، ومازح عجوزًا فقال: " إن الجنة لا يدخلها عجوز 2 "، وكانت في علي عليه السلام دعابة، وكان ابن سيرين يمزح ويضحك حتى يسيل لعابه، وسئل عن رجل، فقال: توفي البارحة، فلما رأى السائل قرأ: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [42 من سورة الزمر] ومازح معاوية الأحنف بن قيس فما رئي مازحان أوقر منهما.

ويستطرد ابن قتيبة في موضع آخر من مقدمة كتابه قائلًا:

"ونستحب له أن يدع في كلامه التقعير والتقعيب3، كقول يحيى بن يعمر لرجل خاصمته امرأته عنده: "أأن سألتك ثمن شكرها وشبرك، أنشأت تطلها وتضهلها" وكقول عيسى بن عمر ويوسف بن عمر بن هبيرة يضربه بالسياط: "والله إن كانت إلا أثيابًا في أسيفاط قبضها عشَّاروك"4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015