وقد أهدى ابن قتيبة كتابه إلى الوزير أبي الحسن عبد الله بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل، وكان ذلك سببًا في تقديم ابن قتيبة إلى المتوكل والاستعانة به في بعض الأعمال.

والواقع أن هدف ابن قتيبة من كتابه -على نحو ما بينا قبل قليل- هدف رفيع، فقد استهدف تعليم الجهال ممن يدعون العلم، وكشف المتطاولين على القيم الدينية، وهم أجهل الناس بمكانتها.

وعلى عادة ابن قتيبة يقدم في أكثر كتبه منهجه وهدفه، فلنقرأ له بعضًا ما وضح به هدفه هذا الرفيع1:

"..... فإني رأيت أكثر أهل زماننا هذا عن سبيل الأدب ناكبين، ومن اسمه متطيرين، ولأهله كارهين2: أما الناشئ منهم فراغب عن التعليم، والشادي تارك للازدياد، والمتأدب في عنفوان الشباب ناسٍ أو متناسٍ3، ليدخل في جملة المجدودين، ويخرج عن جملة المحدودين4 فالعلماء مغمورون وبكرة الجهل مقموعون5 حين خوى نجم الخير، وكسدت سوق البر6 وبارت بضائع أهله، وصار العلم عارًا على صاحبه، والفضل نقصًا، وأموال الملوك وقفًا على شهوات النفوس، والجاه الذي هو زكاة الشرف يباع الخلق7 وآضت المروءات في زخارف النجد وتشييد البنيان8، ولذات النفوس في اصطفاق المزاهر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015