اصطلاحات مثل "عائلة" و"اللغة الأم" و"اللغة الأخت" فحسب، بل ظهر كذلك في تناول أي لغة تناولًا دراسيا باعتبارها كائنا عضويا ناميا، أو منحلا كالذي نجده في كتابات ماكس مولز مثلا، وكالذي نجده في الاقتباس التالي من درمستاتير1 "من الحقائق المسلم بها في أيامنا هذه أن اللغات ذات حياة عضوية، لا تقل بكون اللغة عقلية محضة عن حياة النبات، أو الحيوان بل يمكن أن تقارن بهما"، ولم يكن ذلك شأن العلوم الطبيعية فحسب، بل كان للعلوم الاجتماعية تأثير مشابه على الدراسات اللغوية كعلمي النفس والاجتماع، لقد جرف التيار الثقافي في القرن التاسع عشر طلاب اللغة، فاسترشدوا في دراسة اللغة بجمع من الطرق المنهجية غير المتناسقة؛ فاعتقد بعضهم أن خير طريق لمعرفة طبيعية اللغة، إنما يوجد في علم النفس؛ فلكي نفسهم الكيفية، التي تؤدي اللغة بها عملها يجب أن ندرس عقلية المتكلم، واعتقد آخرون أن اللغة ما دامت ظاهرة اجتماعية، فلا يمكن أن تستقل عن علم الاجتماع، فاللغة سلوك معين ينمو بمحاولة المرء أن يسد مطالبه في المجتمع.
وما كان هذا الاتجاه من علماء اللغة، لينتج دراسة لغوية مستقلة هدفها اللغة، ولا
شيء سواها، ومع هذا فإن القرن التاسع عشر مسئول عن التقدم بهذا العلم بخطوات واسعة موفقة. فقد شهد كثيرًا من المجهودات الخالقة المبدعة، التي نتجت عنها نتائج نهائية الصبغة مثل تقسيم اللغات، والقوانين الصوتية والصياغة القياسية، وأفكار أخرى لا تقل عن ذلك في أهميتها؛ كل أولئك من نتائج القرن التاسع عشر.
وحل الاستقراء كذلك محل القياس باعتباره أساسا من أسس المنهج في تناول المادة اللغوية، وافتضحت بعض خرافات الماضي وطرحت، "ولقد كون اللغويون الذين درسوا اللغات الهندية الأوربية لأنفسهم بالتدريج منهجا، قد يكون أكثر
قربا من الكمال من منهج أي علم آخر، يتناول النظم الإنسانية"2.
وإذا اصطبغ القرن التاسع عشر بالصبغة التاريخية، فإن القرن العشرين إنما يصطبغ
بالصبغة الوصفية، "ويزداد استحقاق علم اللغة الوصفي لمكانته باعتباره