لاحظ علماء اللغة أن ارتباطا معينا يوجد بين الكلمات من جهة اللفظ والمعنى، فقالوا بوجود ارتباط وضعي بين هذه الكلمات، ولقد جذب انتباههم من هذا ما يأتي:-
1- أن الكلمة العربية ذات أصول ثلاثة، يعبر عنها في الميزان الصرفي بقاء الكلمة وعينها ولامها، وأنها تأتي مرتبة بهذا الترتيب.
2- أن الكلمات العربية تأتي على هيئات صرفية تسمى الصيغ، وأن الخلاف بين الكلمات من الناحية التركيبية، هو في الواقع اختلاف بين هذه الصيغ.
والارتباط الذي قال به النحويون، والصرفيون بين الكلمات المتحدة الأصل المختلفة الصيغة، ارتباط لفظي أولا، ومعنوي ثانيا. أما لفظي؛ فلأن حروف الأصل توجد في الصيغتين المترابطتين بنفس الترتيب، وإن اختلف الهيكل العلي في كلمة عنه في الأخرى، فلا بد إذًا أن ترد الكلمتان إلى أصل واحد، وأما معنوي؛ فلأن الملاحظ أن الكلمتين اللتين توصفان هذا الوصف، تعبران عن معنى عام واحد تختلفان في دائرته، كما تختلف الصيغتان، لا كما تختلف المادتان المعجميتان، فلا بد إذًا أن ترد هاتان الكلمتان إلى مادة واحدة.
ويلاحظ هنا أن الاختلاف اللفظي صرفي، وأن الاختلاف المعنوي معجمي، فإذا اغتفر استعمال علم المعجم في تحديد المفهومات الصرفية، أمكن القول بأن الاشتقاق، "رد لفظ إلى آخر لموافقته إياه في حروفه الأصلية، ومناسبته له في المعنى".
ويرى بعض العلماء تقسيم الاشتقاق إلى صغير، وكبير، أو أكبر، ويقول ابن جني: إن الصغير "ما في أيدي الناس وكتبه كأن تأخذ أصلا من الأصول فتقرأه، فتجمع بين معانيه وإن اختلفت صيغه ومبانيه، وذلك كتركيب "س ل م"، فإنك تأخذ منه معنى السلامة، في تصرفه نحو سلم ويسلم، وسالم وسلمان وسلمى
والسلامة، والسليم اللديغ أطلق عليه تفاؤلا بالسلامة، وعلى ذلك بقية الباب إذا تأولته"1، فذلك هو الاشتقاق الذي نريده في دراستنا الصرفية هذه.
ولذلك سنكتفي به عن الكبير والأكبر؛ لأن أحدهما لا يعترف بالترتيب في حروف المادة، كشرط من شروط الاشتقاق؛ ولأن الآخر يعتمد في دعوى الاشتقاق على التشابه في المخرج بين أي حرفين، يحل أحدهما محل الآخر كنعق ونهق، وإنما اخترنا الصغير لدراستنا هذه؛ لأنه أكبر خطرا وأكثر استعمالا في الناحية التطبيقية في اللغة.