روخو ومركب ومتوسط، فهذا هو تقسيم الحروف في التشكيل الصوتي أيضًا؛ وإذا قسمنا الأصوات إلى مجهور ومهموس، أو إلى مفخم ومرقق، أو نسبنا إليها مخارج معينة، فإننا نفعل نفس الشيء مع الحروف، وقد يبدو هذا خلطا في التفكير، وارتباكا في استعمال الاصطلحات، وفي الحق أن ذلك قد يكون كذلك في التناول عن غير خبرة أو فهم؛ ولكن الخبير الفاهم، لا يستطيع أن يخلط بين الطريقتين من طرق الاستعمال إلا عن سوء قصد؛ فمن المقرر دائما أن يتنبه الباحث قبل البداية إلى المستوى الذي يدرس عليه، أهو مستوى الأصوات أم مستوى التشكيل الصوتي، وإن الناظر إلى تعريف كانتينو للعلمين الذي وضعناه فوق هذا الكلام، ليجد أننا إذا استعملنا اصطلاح "الشديد"، مثلا للصوت، فإنما نطلقه وصفا لظاهرة حركية من ناحية، وصوتية من ناحية أخرى، فهذه الظاهرة حركية؛ لأن الشدة نتيجة لإقفال مجرى الهواء إقفالا تاما، ثم تسريح هذا الهواء، تسريحا مفاجئًا له طبيعة الانفجار في السمع.

ولكننا إذا تكلمنا عن نفس الإصلاح، من الناحية التشكيلية، فإنما نتكلم عن "وظيفة" صوتية من مجموعة وظائف، يتكون منها "النظام" الصوتي للغة معينة، وكل وصف تشكيلي إنما ينبني على إيجاد المقابلات الصوتية، التي توجد في اللغة،

والتفريق بين معانيها، وتلك أشياء تأتيب بعد دراسة الأصوات من حيث هي، ولكنها تستقل عن دراسة الأصوات استقلالا تاما، فالمقابلة بين مجهور ومهموس ثم مفخم ومرقق، ثم صحيح وعلة، ثم شديد ورخو ومركب ومتوسط، ثم بين طويل وقصير، وبين مخرج ومخرج آخر، وبين النبر وعدمه، وبين اللحن الأول واللحن الثاني، كل أولئك وما يتصل به من فهم دلالة كل مقابل من هذه المقابلات، هو الأساس الذي ينبني عليه علم التشكيل الصوتي.

دعنا إذًا، وقد فرقنا بين هذين القسمين، نحاول دراسة أهم الموضوعات التي يتناولها هذا العلم، ثم طريقة البحث فيه، ثم تخص فرعا منه كاد يستقل عنه بكلمة قصيرة، ذلك الفرع ما يسميه الأمريكيون Phoemics، ويقصدون به خلق الأبجديات المناسبة للهجات غير المكتوبة، ولذا أحب أن أنبه القارئ إلى أنني سوف

استخدام كلمة "الأبجدية"، بعد هذا ترجمة لاسم هذا النوع من فروع الدراسة اللغوية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015