ولا خطأ من أخطأ منهم في روايته، حتى لو زِيْدَ في حديث حرفٌ أو نقص منه شيء، أو غُير منه لفظ يغير المعنى - وقفوا عليه وتَبَيَّنُوه (?)، ودوَّنوه في تواريخهم؛ حتى تَرك أوائِلُ هذه الأمة أَواخرَها - بحمد الله - على الوَاضِحَة. فمن سلك في كلّ نوع من أنواع العلوم سبيلَهم، واقتدى بهم - صار على بَيِّنه من دينه. نسأل الله التوفيق والعصمة بفضله ومنّه.

* * *

واحتج بعض العراقيين على الشافعي بأن «مذهب أبي حنيفة» مبني على قول عليّ بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنهما، فأخرج من كتب أهل الحديث من أقاويلهما ما يخالفه أبو حنيفة من غير سماع منه لبعض ما أخرجه. وكذلك في «كتاب السِّيَر» الذي رواه أبو عبد الرحمن البغدادي عنه، احتاج إلى أحاديث لم تكن في مسموعاته، أو وجدها في مسموع غيره أتمَّ مَتْنًا، أو بإسناد أقوى (?) مما كان عنده - فأوردها مستشهداً بها من غير سماع منه لما ذكره، ولا ذكر أخبرنا ولا حدثنا ولا أنبأنا ولا سمعت، في شيء من ذلك إلا أن يروِي خلال ذلك عن شيخ له ما سمعه منه، فحينئذ يذكر فيه سماعه. وربما يجمع في حديث سمعه من شيخ له بينه وبين شيخ لم يسمع منه، ولا يذكر فيه سماعه ألبتة لا من شيخه ولا من غيره. فنظر الشيخ «أبو الحسن: علي بن عمر الدارقطني الحافظ» رحمه الله في بعض هذه الكتب فتوهّم أن بعض أولئك الشيوخ من شيوخ الشافعي الذين سمع منهم فعدَّهم - في روايتنا عن شيخنا أبي عبد الرحمن السلمي عنه - في جملة شيوخ الشافعي، رحمه الله.

وليس الأمر على ما توهَّم.

وقد يقول في تلك الكتب: الأعمش عن إبراهيم، وإسماعيل عن الشعبي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015