كان الشافعي جالسا يوما بين يدي مالك بن أنس، فجاء رجل إلى مالك فقال: يا أبا عبد الله، إني رجل أبيع القُمْرِيّ، وإني بعت يومي هذا قُمْرِيًّا. فلما كان العشي أتاني صاحب القمري فقال: إن قمريّك لا يصيح، فتشاجرت أنا وهو إلى أن حلفت بالطلاق أن قمريّ ما يهدأ من الصياح. فقال مالك: طلقت امرأتك ولا سبيل لك عليها، فانصرف الرجل مغموما، فقام إليه الشافعي - وهو يومئذ ابن أربع عشرة سنة - فقال: أعد مسألتك - رحمك الله - فأعاد عليه فقال: أيّما أكثر: صياح قمريك أم سكوته؟ قال: فقال: صياحه. قال: امض فلا شيء عليك. ورجع الشافعي إلى الحلقة، ورجع (?) الرجل إلى مالك، لِصيته (?) في البلاد، وكبر اسمه فقال: يا أبا عبد الله، انظر لي في مسألتي يكن لك فيها أجزل الثواب. فقال: ما أعرف لمسألتك جوابا غير ما أخبرتك. قال: فإن في حلقتك من أفتاني (?) بأن لا شيء عليك. قال: مَنْ المفتي لك، رحمك الله؟ قال: هذا الغلام، وأومأ إلى الشافعي، فَزَبَرَهُ مالك وأخْجَله وقال: يا غلام:، بلغني عنك غير فتواي، فمن أين لك هذا؟ قال: لأني سألته (?): أيّما أكثر صياح قمريك أم سكوته؟ فأخبرني بصياحه. فقال مالك: وهذا أعظم، أيّ شيء في سكوته وصياحه مما يكون مخرجا للفتوى؟ قال: لأنك حدثتني - يعني عن عبد الله بن يزيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن فاطمة بنت قيس: أنها أتت النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن أبا جَهْم ومعاوية خطباني، فأيّهما أتزوج؟ فقال النبي، صلى الله عليه وسلم:
أما «معاوية» فصعلوك لا مال له، واما «أبو جهم» فرجل لا يضع