لفتح (?) رحمته، وختم نبوته، وأعلم ما أَرسَل به مرسلا قبله، المرفوع ذكره مع ذكره في الأولى، والشافع المشفّعُ في الأخرى، أفضل خلقه نفساً، وأجمعُهم لكل خلق رضية في دين ودنيا، وخيرهم نسباً وداراً: محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم.
ثم ساق الكلام إلى أن قال: أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن «مجاهد» في قوله: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (?)} قال: لا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
قال الشافعي (?): يعني - والله أعلم - ذكره عند الإيمان بالله والأذان. ويحتمل ذكره عند تلاوة القرآن، وعند العمل بالطاعة والوقوف عن المعصية، فصلّى الله على نبينا كلّما ذكرهُ الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون. وصلى الله عليه في الأوَّلين والآخرين، أفضل وأكثر وأزكى ما صلَّى على أحدٍ من خلقه، وزكَّانا وإيّاكم بالصّلاة عليه أفضل ما زكّى أحداً من أمته بصلاته عليه. والسلام عليه ورحمة الله وبركاته. وجزاه الله عنا أفضل ما جزى مُرْسلاً عمّن أرسل إليه؛ فإنه أنقذنا به من الهلَكة وجعلنا في خير أمة أُخرجت للناس، دائنين بدينه الذي ارتضى واصطفى به ملائكته ومن أنعم عليه من خلقه، فلم تمس بنا نِعْمَةٌ ظهرت ولا بَطَنت نِلْنا بها حظاً في دين ودنيا، ودفع بها عنا مكروه فيهما أو في واحد منهما - إلا ومحمد صلى الله عليه وسلم سَبَبُها، القائد إلى خيرها، الهادي إلى رشدها، الذائد عن الهلكة وموارد السوء في خلاف