فقلت له: لا، أنا صاحبه؛ اذكر حاجتك، فقال: أريده، قلت: أدلك عليه؟ قال: إي والله، فمضيت بين يديه حتى أتيت باب أبي عبد الله، فدققت الباب فقالوا: من هذا؟ فقلت: أنا المروذي، قالوا: ادخل. قلت: أنا ومن معي؟ قالوا: أنت ومن معك، فأناخ الأعرابي ناقته وعقلها، ودخلت ودخل معي، فلما رأى أبا عبد الله، قال الأعرابي: إي والله- ثلاث مرات- فسلم عليه، فقال له: ما حاجتك؟ فقال: أنا رسول رسول الله إليك، قال: ويحك ما تقول؟! قال: إني رجل بدوي بين حيي والمدينة أربعون ميلاً، أوفدني أهلي المدينة أمتار لهم براً وتمراً، فأتيت المدينة، فابتعت ما عهدوا إلي من ذلك، وجنني المساء، فصليت في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة، واضطجعت؛ فبينا أنا نائم، إذ أتاني محرك فحركني، وقال لي: أتمضي لرسول الله في حاجة؟ فقلت: إي والله، فقبض بيده اليمنى على ساعدي اليسرى وأتى بي حائط قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فوقفني عند رأسه، وقال: يا رسول الله، فسمعت من وراء الحائط قائلاً يقول: أتمضي لنا في حاجة؟ فقلت: إي والله، إي والله، إي والله ثلاثاً، فقال: تمضي حتى تأتي بغداد، أو الزوراء- الشك من المروذي- فإذا أتيت بغداد فسل عن منزل أحمد بن حنبل؛ فإذا لقيته فقل: النبي يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن الله مبتليك ببلية، وممتحنك بمحنة، وقد سألته لك الصبر عليها، فلا تجزع.
قال المروذي: وكان إذا قال له رجل: وحملك يا أبا عبد الله في السوط،