أخذنا التمر وقد بَعثنا به، فأشار برأسه إلى السماءِ وجَعل يحمد الله.
وجاءَ عبد الوهاب، فلما استأذنوا له، قال أبو عبد الله: عزَّ عليَّ بمجيئه في الحرّ، فلما دخل عليه أكب عليه فأخذ بيده، فلم تزل يده في يده حتى قام.
ودخل عليه جماعة فيهم شيخٌ مخضوب، فنظر إليه، فقال: إني لأسر أن أرى الشيخ قد خَضب، أو نحو هذا من الكلام.
وقال له رجل ممن دخل عليه: أعطاكَ الله ما كنت تريده لأهل الإسلام.
فقال: استجابَ الله لك. وجعلوا يخصُّونه بالعداءِ فجعل يقول: قولوا: ولجميع المسلمين.
وربما دخل عليه الرجل الذي في قلبه عليه الشيء، فإذا رآه غمض عينه كالمعرض، وربما سلم عليه الرجل منهم، لايرد عليه.
ودخل عليه شيخ فكلَّمه، وقال: اذكر وقوفك بين يدي الله، فشهق أو عبد الله، وسالت الدموع على خَديه، فلما كان قبل وفاته بيوم أو يومين، قال: ادعوا الصبيان - بلسان ثقيل - يعني الصغار، فجعلوا ينضمون إليه، وجعل يشمهم ويَمسح بيده على رؤوسهم، وعينه تَدمع. فقال له رجل: لا تَغتَم لهم يا أبا عبد الله، فأشار بيده، فظننا أن معناه: إني لم أرد هذا المعنى، وكان يُصلي قاعداً، ويصلي وهو مُضطجع، ولا يكاد يفتر، ويرفع يديه في إيماء الركوع.
وأدخلت الطّست تَحته فرأيتُ بوله دماً عبيطاً ليس فيه بول، فقلتُ للطبيب، فقال: هذا الرجل قد فَتَّت الحزنُ والغمُّ جَوفه، واشتدت به العِلة يوم