القِصاص فأنا بينَ يديك، وإن رأيت أن تُحلّني فَعلتَ، فقال: على أن لا تعود لمثل ذلك. قال: نعم، قال: قَد جعلتك في حلٍّ، فخرج يبكي، وبَكى من حضر من الناس، وكانَ له في خُرَيقةٍ قَطيعاتٌ، فإذا أراد الشيء، أعطينا من يَشتري له، فقال لي يوم الثلاثاء وأنا عنده: انظر في خُرَيْقتي شيء؟ فنظرت فإذا فيها درهم، فقال: وجِّه فاقْتَضِ بعضَ السكان، فوجهتُ فأعطيت شيئاً. فقال: وجِّه فاشترِ تمراً وكفِّر عني كفارةَ يمين، فوجهتُ، فاشتريتُ وكفرتُ عنه كفارةَ يمين، وبقي ثلاثة دراهم، أو نَحو ذلك، فأخبرتُه، فقال: الحمدُ لله، وقال: اقرأ عليَّ الوصية، فقرأته عليه، فأقرَّها.
قلتُ: قد ذكرنا وصيته في قصة المحنة فغنينا عن الإعادة.
أخبرنا محمد بن أبي منصور، قال: أخبرنا عبد القادر بن محمد، قال: أنبأنا أبو إسحاق البَرْمَكي، قال: أنبأنا عبد العزيز بن جعفر، قال: حدثنا أحمد بن محمد الخلاّل، قال: حدثنا أبو بكر المرُّوذي. قال: مَرض أبو عبدالله ليلة الأربعاءِ لليلتين خَلتا من شهر ربيع الأول سَنة إحدى وأربعين ومئتين، ومَرض تسعة أيام، فلما اشتدت علته وتسامع الناس اقبلوا لعيادته، فكثروا، ولزموا الباب الليل والنهار يبيتون، وسمع السلطان بكثرة الناس، فوكّل السلطان ببابه وبباب الزُّقاق الرابطةَ وأصحاب الأحبار.
وكان أبوعبد الله ربما أذن للناس فيدخلون عليه أفواجاً أفواجاً يُسلمون