«ما أصابني في ضربي شيء أشد علي من غم والدتي، وكان بها برا»

مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ: حَدَّثَنِي حِبَّانُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ حِينَ ضُرِبَ لِيَلِيَ الْقَضَاءَ: «مَا أَصَابَنِي فِي ضَرْبِي شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ غَمِّ وَالِدَتِي، وَكَانَ بِهَا بَرًّا»

" أشخص المنصور أبا حنيفة، فأراده على أن يوليه، فأبى فحلف عليه ليفعلن وحلف أبو حنيفة أن لا

يَعْقُوَبُ بْنُ شَيْبَةَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُبَارَكِ، نَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: " أَشْخَصَ الْمَنْصُورُ أَبَا حَنِيفَةَ، فَأَرَادَهُ عَلَى أَنْ يُوَلِّيَهُ، فَأَبَى فَحَلَفَ عَلَيْهِ لَيَفْعَلَنَّ وَحَلَفَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنْ لا يَفْعَلَ، فَقَالَ الرَّبِيعُ الْحَاجِبُ: أَلا تَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَحْلِفُ؟ ! قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى كَفَّارَةِ أَيْمَانِهِ أَقْدَرُ مِنِّي، فَأَبَى أَنْ يَلِيَ، فَأَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ، فَمَاتَ فِيهِ وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الْخَيْزُرَانِ ".

رَوَاهَا يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ، عَنْ بِشْرٍ، وَرَوَاهَا أَيْضًا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الزُّهْرِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ بِشْرٍ، فَزَادَ فِيهَا: فَسُجِنَ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى حُمَيْدٍ الطُّوسِيُّ شُرْطِيَّهُ، فَأَرَادَ أَنْ يُؤْذِيَهُ، فَقَالَ: يَا شَيْخُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَدْفَعُ إِلَيَّ الرَّجُلَ، وَيَقُولُ لِي: اقْتُلْهُ، أَوِ اقْطَعْهُ، أَوِ اضْرِبْهُ، وَلا عِلْمَ لِي بِقِصَّتِهِ؟ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هَلْ يَأْمُرُكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَمْرٍ قَدْ وَجَبَ، أَوْ بِأَمْرٍ لَمْ يَجِبْ؟ قَالَ: بَلْ بِمَا قَدْ وَجَبَ، قَالَ: فَإِذَا أَمَرَكَ بِقَتْلٍ وَاجِبٍ، أَوْ ضَرْبٍ مُتَعَيِّنٍ فَبَادِرْ إِلَيْهِ، فَإِنَّكَ مَأْجُورٌ فِي ذَلِكَ.

يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُضْرَبُ عَلَى أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ فَيَأْبَى، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَبْكِي، وَقَالَ: أَبْكِي غَمًّا عَلَى وَالِدَتِي! وَعَنْ مُغِيثِ بْنِ بُدَيْلٍ، قَالَ: دَعَا أَبُو جَعْفَرٍ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَى الْقَضَاءِ فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: أَتَرْغَبُ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ؟ فَقَالَ: لا أَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، قَالَ لَهُ: كَذَبْتَ، قَالَ: قَدْ حَكَمَ عَلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنِّي لا أَصْلُحُ، لأَنَّهُ نَسَبَنِي إِلَى الْكَذِبِ، فَإِنْ كُنْتُ كَاذِبًا فَلا أَصْلُحُ، وَإِنْ كُنْتُ صَادِقًا فَقَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنِّي لا أَصْلُحُ، فَحَبَسَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015