فما أعظم وما أمجد أن يرفع القرآن عاليًا، ففيه النعمة وفيه الهداية وفيه البركة وفيه كل الخير. لقد قال هذا حبقوق النبي.
الحجر الذي رفضه البناؤون هو مسار رأس الزاوية:
ونرجع الآن لسيدنا داود - عليه السلام - نجده يقول في (المزمور 118: 22- 23) : " الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية. من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا ". إن هذا يعني أن أنبياء بني إسرائيل على كثرتهم تشير إليهم الحجارة الكثيرة في بناء بيت الرب، أما الحجر الذي هو رأس الزاوية ويمسك البناء كله فهو وإن كان حجرًا واحدًا إلا أنه هو الأهم والأعظم أثرًا في إقامة البناء وتماسكه. إنه يشير إلى محمد خاتم النبيين والذي بدونه لا ترتبط النبوات معًا ولا يمكن أن تكون لها قيمة تذكر تمامًا كما أنه بدون ذلك الحجر " رأس الزاوية " لا يكتمل البناء ولا يكون له قيمة. لقد كان هذا الأمر " من قبل الرب ". ربما يقول قائل إن هذا الكلام يشير إلى المسيح - عليه السلام -، ولكن المسيح قال موجهًا كلامه لبني إسرائيل في تنديد شديد - كما في إنجيل (متى 21: 43-44) : " قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار هو رأس الزاوية من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا. لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطي لأمة تعمل أثماره. ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه ". إن
قول المسيح هنا: " لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم " يعني أن النبي الخاتم الذي يرمز إليه هذا الحجر " رأس الزاوية " لن يكون من بني إسرائيل، وإنما يكون من أمة صالحة تأمر بالمعروف وتنهى عن