كفروه ولعنوه وخرجوا عليه. والحق والحقيقة في علي غير ذلك. وليس الأشخاص الدينيون فقط هم الذين يقف منهم الناس هذا الموقف، فعيسى رجل دين وعلي أيضا كذلك. ولكن في رجال الدنيا نجد أيضا من يرتفع بهم إلى ما فوق مستوى البشرية أحيانا. والباب هو باب المدح المبالغ فيه، المدح المذموم حيث نرى الشعراء المداحين ومن على شاكلتهم وهم يتحدثون عن الطغاة وعن الأقزام فيمجدونهم ويحولونهم إلى عمالقة وإلى آلهة. فنسمع عن واحد من هؤلاء الغلاة يقول لأحد الملوك الظلمة:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار ... فاحكم فأنت الواحد القهار
وهذا شاعر آخر يقول:
وأخفت أهل الشرك حتى إنه ... لتخافك النطف التي لم تخلق
لم يكن هذا في العصر القديم وحده وإنما هذا في العصور الحديثة أيضا، الناس يبالغون في تمجيد الطغاة والظلمة حتى يرفعونهم فوق مستوى البشر. ولعلنا نذكر أن بعض الصحف كتبت عن أحد الحكام تقول: إنه فوق مستوى البشر. بل إن واحدا من الشعراء قال قصيدة في نعيه كان في أولها:
قتلناك يا آخر الأنبياء ...
بينما نجد جماهير كثيرة تلعنه وتمقته.
إذن مصيبة المصائب هي المبالغة في المدح ومصيبة المصائب هي المبالغة في الذم.
ولهذا حذرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم أن نبالغ في مدحه فقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم» فإنهم دخلوا في الشرك والكفر من باب إطراء عيسى عليه السلام إلى حد الغلو والمغالاة فزعموا أنه النور الأول الذي