في استحباب الأكل منه، أو وجوبه، ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة في حجة الوداع ((أنه أهدى مائة من الإبل))، ومعلوم أن ما زاد على الواحدة، منها تطوع، وقد أكل منها وشرب من مرقها جميعاً، وأما الدليل على الأكل من هدي التمتع والقران، فهو ما قدمنا مما ثبت في الصحيح: أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ذبح عنهن - صلى الله عليه وسلم - بقراً، ودخل عليهن بلحمه وهن متمتعات، وعائشة منهن قارنة، وقد أكلن جميعاً مما ذبح عنهن في تمتعهن وقرانهن بأمره - صلى الله عليه وسلم -، وهو نص صريح في جواز الأكل من هدي التمتع والقران.
أما غير ما ذكرنا من الدم، فلم يقم دليل يجب الرجوع إليه على الأكل منه، ولا يتحقق دخوله في عموم ((فكلوا منها))؛ لأنه لترك واجب أو فعل محظور فهو بالكفارات أشبه، وعدم الأكل منه أظهر وأحوط، والعلم عند اللَّه تعالى)) (?).
وقد ذكر الشنقيطي رحمه اللَّه حكم الأكل المأمور به في قوله تعالى:
{فَكُلُوا مِنْهَا} ثم ذكر: أن مذهب جمهور أهل العلم على أن الأمر بالأكل في الآيتين للاستحباب، والندب لا للوجوب ... ثم قال: ((أقوى القولين دليلاً وجوب الأكل والإطعام من الهدايا والضحايا)) (?)، ثم ناقش الأدلة رحمه اللَّه تعالى.
* الأمر الثامن والعشرون: هدي التطوع الذي أوجبه بالتعيين ابتداءً