ولا شك أن من الجفاء مع الله تبارك وتعالى إشغال النفْس بغيره من حُبٍّ له وشوقٍ إليه كعدم الوقوف عند ما يَرِد من الآياتِ والأحاديثِ من صفاته وأسمائه الحسنى وتدبر ذلك وتأمله مما يفتح باب معرفته وحُبّه عز وجل، وقد عاتب الله تعالى مَنْ هَذِه حَالُه حيث جاء في الأثر أنه تعالى أوحى إلى داود عليه السلام: (قل لشُبَّان بني إسرائيل: لِمَ تشغلون نفوسكم بغيري؟!، ماهذا الَجَفَاء (?)؟! .. ولو يعلم المدبرون عني كيف انتظاري لهم ورفقي بهم ومحبتي لترك معاصيهم لماتوا شوقاً إليَّ وانقطعت أوصالهم من محبتي! .. هذه إرادتي للمدبرين عني فكيف إرادتي للمقبلين عليَّ!) (?)، فتأمل!.
وقد تكلم ابن القيم – رحمه الله – في كتابه النَّفِيس (مدارج السالكين) عن منزلة الإخلاص بكلام عظيم القدْر، واتصاله وثيق في موضوع هذا الكتاب؛ ومن كلامه – رحمه الله – قوله: (يَعْرِض للعامل في عمله ثلاث آفات: رؤيته وملاحظته، وطلب العِوَض – أي الأجْر - عليه، ورضاه به وسكونه إليه) (?)، ثم ذكر علاج هذه الأمراض وكيف يتخلص منها العبد ليخلص عمله لربه؛ ونحن وإن كان لنا من هذه الآفات النصيب الأوفر لقلة العلم بالله وعبوديته في زماننا وقواطع الذنوب لكن المراد هنا الآفة الثانية لاتصال معناها مباشرة بموضوع الكتاب، فقد قال - رحمه الله - في علاج