رُوي عما فعلته جارية من جواري هارون الرشيد؛ فقد كان من عادته أن يُتحف جواريه في الأعياد بهدايا من الجواهر ونحوها، فكان يأمر بوضع تلك الهدايا في مجلس من مجالسه، ويقول لجواريه: " من أرادت من ذلك شيئاً وأعجبها فلتضع يدها عليه " – أي بحيث يكون لها -، فوضعت كل جارية يدها على ما أحبت من تلك التُّحَف إلا واحدة منهن فإنها وضعت يدها على رأس هارون!، فسألها عما أرادت بهذا الفعل؟!، فقالت: " أنت طلبت من كل واحدة منا أن تضع يدها على ما تحب وأنا لاشيء يعدل حبي لأمير المؤمنين! "، فأعجبه ذلك منها وصارت أحظى جواريه عنده!، فتأمل ذلك، وهكذا نحن عند الله!.
ويضرب ابن القيم – رحمه الله – مثلاً آخراً فيقول: (وإذا كان لك أربعة عبيد؛ أحدهم: يريدك ولا يريد منك بل إرادته مقصورة عليك وعلى مرضاتك.
والثاني: يريد منك ولا يريدك بل إرادته مقصورة على حظوظه منك.
والثالث: يريدك ويريد منك.
والرابع: لا يريدك ولا يريد منك بل هو متعلق القلب ببعض عبيدك فلَهُ يريد، ومنه يريد، فإن آثر العبيد عندك وأحبهم إليك وأقربهم منك منزلة والمخصوص من إكرامك وعطائك بما لا يناله العبيد الثلاثة هو