هذه الصُّوَرُ في قلبه، فيعكف عليها محبةً تصرف قلبه عما خُلق له العبدُ من النظَر في الآخرة إلى خالق الجمال سبحانه، وهو أوْلى به.
وهنا أنقل كلاماً كتبته قديماً في كتاب (معرفة الكبير المتعال بالعظمة والجلال والجمال)، وهو:
(وإنما سأل موسى الرؤية لِشَوْق ألْهَبَ قلبه بعد سماع كلام ربه وحُقّ لَه.
ولوْلا مَدَدُ الله للأنبياء بالصبر المناسب مع مقاماتهم ومعرفتهم بربهم لما صبروا اشتياقاً إليه ومحبة لكمال معرفتهم به سبحانه ولكماله وجلاله وجماله.
وإذا كان يحصل مِن محبةِ مخلوقٍ لمخلوقٍ مِن انجذابِ الروح إليه والصبابة والشوق ما يكون عجباً مثل العشق - مع أنه في الحقيقة مرض في القلب صارف له عما فُطر عليه من محبة معبوده الحق - فكيف بمحبة مَن لوْلا تعلق المحبة به لما خُلقت المحبة أصلاً، فهي إنما وُجدت لهذا الغرض.
من هذا يتبين أن كل محبة لسواه فهي صرف حقه لغيره، وهي ألَمٌ في القلب يُعَذّب به لانصرافه وانحرافه عن فطرته التي فُطر عليها من محبة إلهه الحق إلا ما كان من الحب فيه، فهذا داخل في محبته غير مُعارض كمحبة أنبيائه وأوليائه وما يُحب بشرط عدم الغلو في ذلك بألا يُرفع أحد إلى درجة محبته