يحتاج إلى تأويل ذكروه، وهو حسن، لأنه من المعاريض. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«إنّ في المعاريض لمندوحة عن الكذب» ومن جوّز الكذب في إبطال باطل وإحقاق حقّ فهو حسن جائز بالإجماع. فإن قلت: السؤال وقع عن الفاعل لا عن الفعل فإنهم لم يستفهموه عن الكسر بل عن الكاسر لها فلم صدّر في جوابه بالفعل دون الاسم؟ قلت: الجواب مقدّر دلّ عليه السياق، لأنه بل لا تصلح أن يصدر بها الكلام، والتقدير: ما فعلته، بل فعله تلويحا بغيره وحيث كان السؤال مضمر فالأكثر التصريح بالفعل، ومن غير الأكثر قوله:
يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ في قراءته بالبناء للمفعول، فرجال في جواب سؤال مقدّر تقديره: من يسبحه؟ فقال يسبحه رجال. قال في الخلاصة:
ويرفع الفاعل فعل أضمرا ... كمثل زيد في جواب من قرا
وقرئ فعله، أي: فلعله، قال الفراء: فليس فعله فعلا، بل هو التقاء علّ حرف عطف دخل على علّ التي للترجي وحذفت اللام الأولى فصار فعله، أي: فلعله، ثم حذفت اللام الأولى وخففت الثانية، واستدلّ على مذهبه بقراءة ابن السميفع اليماني فعله بتشديد اللام، والحامل له على هذا خفاء صدور هذا الكلام من إبراهيم، وهذا مرغوب عنه. انظر السمين، وهذا غاية في بيان هذا الوقف ولله الحمد كَبِيرُهُمْ هذا جائز، لأن كبيرهم مبتدأ وهذا خبره أو نعت كبيرهم، أو بدل منه، وقوله: فَسْئَلُوهُمْ دليل الجواب قد قام مقامه مقدّما عليه كأنه قال: إن كانوا ينطقون فسئلوهم. ومعلوم أن الأصنام لا تنطق، وأن النطق عليها مستحيل، فلما علق بهذا المستحيل من الفعل مستحيل أيضا، فإذا علم استحالة النطق عليها علم استحالة الفعل
ـــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .