لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا، عَذابٌ واصِبٌ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ، بَرْداً وَلا شَراباً إِلَّا حَمِيماً، أَسْفَلَ سافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا، فإن اللفظ لفظ الاستثناء والتقدير الرجوع من إخبار إلى إخبار، ومن معنى إلى معنى، وللعلماء في ذلك اختلاف كبير يطول شرحه. وحاصله أن الاستثناء إن كان يتعلق بالمستثنى منه لم يوقف قبل إلا، وإن كان بمعنى لكن، وأن ما بعده ليس من جنس ما قبله نحو: لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ، إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى، إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ، إذ لم يستثن الظنّ من العلم، لأن اتباع الظنّ ليس بعلم، المعنى لكنهم يتبعون الظنّ، والنحويون يجعلون هذا الاستثناء منقطعا، إذ لم يصح دخول ما بعد إلا فيما قبلها، ألا ترى أن الأمانيّ ليست من الكتاب، وتكون إلا بمعنى الواو عند قوم نحو قوله: إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ، وكقوله: إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً، ونحو قوله: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً. قال أبو عبيدة بن المثنى: إلا بمعنى الواو، لأنه لا يجوز للمؤمن قتل المؤمن عمدا ولا خطأ. ومن الاستثناء ما يشبه المنقطع كقوله: وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ، فقوله: إِلَّا فِي كِتابٍ منقطع عما قبله، إذ لو كان متصلا لكان بعد النفي تحقيقا، وإذا كان كذلك وجب أن يعزب عن الله تعالى مثقال ذرّة وأصغر وأكبر منها إلا في الحال التي استثناها، وهو قوله: إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ وهذا لا يجوز أصلا، بل الصحيح الابتداء بإلا على تقدير الواو: أي وهو أيضا في كتاب مبين، ونحو ذلك قوله:

وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها إلى قوله: فِي كِتابٍ مُبِينٍ، ومعنى:

فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ أي: ليس من توفيق الله وكرامته في شيء، أو ليس فيه لله حاجة، أي: لا يصلح لطاعته ولا لنصرة دينه. وقال الزجاج:

ـــــــــــــــــــــــــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015