على هذا المبحث البعيد المرام الذي تزاحمت عليه أفهام الأعلام. وقال السجستاني: الراسخون غير عالمين بتأويله، واحتجّ بأن وَالرَّاسِخُونَ في موضع وأما. وهي لا تكاد تجيء في القرآن حتى تثني أو تثلث كقوله: أما السفينة، وأما الغلام، وأما الجدار، فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر.
وهنا قال: فأما الذين في قلوبهم زيغ، ولم يقل بعده وأما، ففيه دليل على أن قوله: وَالرَّاسِخُونَ مستأنف منقطع عن الكلام قبله. وقال أبو بكر: وهذا غلط، لأنه لو كان المعنى وأما الراسخون في العلم فيقولون لم يجز أن تحذف أما والفاء، لأنهما ليستا مما يضمر وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ صالح على المذهب الثاني على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل جملة في موضع نصب على الحال، وإن جعل آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا كلاما محكيّا عنهم فلا يوقف على آمنا به، بل على قوله: كلّ من عند ربنا، وهو أحسن، لأن ما بعده من كلام الله: أي كل من المحكم والمتشابه، فهو انتقال من الكلام المحكي عن الراسخين إلى شيء أخبر الله به ليس بحكاية عنهم آمَنَّا بِهِ حسن على المذهبين مِنْ عِنْدِ رَبِّنا كاف. وقوله: وما يذكر إلا أولوا الألباب معترض ليس بمحكيّ عنهم، لأنه من كلام الله الْأَلْبابِ تامّ، وقيل كاف، لأن ما بعده من الحكاية آخر كلام الراسخين بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا حسن، ومثله:
رحمة، للابتداء بأن الْوَهَّابُ تامّ: وإن كان ما بعده من الحكاية داخلا في جملة الكلام المحكي لأنه رأس آية وطال الكلام لا رَيْبَ فِيهِ كاف، لأن ما بعده من كلام الله، لا من كلام الراسخين، وحسن إن جعل التفاتا من الخطاب
ـــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .